فهرس الكتاب
الصفحة 66 من 122

تشريف لأهل العلم حيث إن الله قرن شهادتهم مع شهادته سبحانه وتعالى وشهادة ملائكته، اعتبر شهادة أهل العلم من الخلق ودل على فضلهم وشرفهم ومكانتهم، على أعظم مشهود به وهو التوحيد.

والمراد بأولي العلم، أهل العلم الشرعي لا كما يقوله بعض الناس: إن أهل العلم المراد بهم أهل الصناعة والزراعة فهؤلاء لا يقال لهم أهل العلم على وجه الإطلاق؛ لأن علمهم محدود مقيد، بل يقال: هذا عالم بالحساب، عالم بالهندسة، عالم بالطب، ولا يقال لهم: أهل العلم مطلقًا؛ لأن هذا لا يطلق إلا على أهل العلم الشرعي، وأيضًا أكثر هؤلاء أهل علم دنيوي، وفيهم ملاحدة يزيدهم علمهم -غالبًا- جهلًا بالله عز وجل، وغرورًا وإلحادًا كما تشاهدون الآن في الأمم الكافرة، متقدمون في الصناعات وفي الزراعة لكنهم كفار، فكيف يقال: إنهم أهل العلم الذين ذكرهم الله في قوله: / وَأُولُو الْعِلْمِ /هذا غير معقول أبدا.

وكذلك قوله: / إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ / [فاطر: 28] المراد علماء الشرع الذين يعرفون الله حق معرفته ويعبدونه حق عبادته ويخشونه، أما هؤلاء فأغلبهم لا يخشون الله عز وجل بل يكفرون بالله ويجحدونه، ويدعون أن العالم ليس له رب، وإنما الطبيعة هي التي توجده وتتصرف فيه، كما هو عند الشيوعيين، إنهم ينكرون الرب سبحانه وتعالى مع أن عندهم علما دنيويًّا كيف نقول: إن هؤلاء هم أهل العلم.

هذا غلط، فالعلم لا يطلق إلا على أهله، وهو لقب شريف لا يطلق على الملاحدة والكفار، ويقال: هؤلاء أهل العلم.

فالملائكة وأولو العلم شهدوا لله بالوحدانية، إذًا لا عبرة بقول غيرهم من الملاحدة والمشركين والصابئين الذين يكفرون بالله عز وجل، هؤلاء لا عبرة بهم ولا بقولهم؛ لأنه مخالف لشهادة الله وشهادة ملائكته وشهادة أولي العلم من خلقه.

وقوله"قائمًا بالقسط": منصوب على الحال من شهد، أي: حالة كونه قائمًا سبحانه وتعالى، والقسط: العدل، أي أن الله سبحانه وتعالى قائم بالعدل في كل شيء والعدل ضد الجور، وهو سبحانه وتعالى حكم عدل لا يصدر عنه إلا العدل في كل شيء.

لا إله إلا هو: تأكيد للجملة الأولى.

العزيز الحكيم: اسمان لله عز وجل يتضمنان صفتين من صفاته وهما العزة والحكمة.

ومعناها لا معبود بحق إلا الله، (لا إله) نافيًا جميع ما يعبد من دون الله (إلا الله) مثبتًا العبادة له وحده لا شريك له في عبادته كما أنه ليس له شريك في ملكه. [34]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[34] قوله: ومعناها لا معبود بحق إلا الله، أي معنى لا إله إلا الله ليس كما يقول أهل الباطل: لا خالق ولا رازق إلا الله؛ لأن هذا توحيد الربوبية يقر به المشركون، وهم لا يقولون: لا إله إلا الله، قال تعالى: / إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ / وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ / [الصافات: 35 - 36] آلهتنا، أي: معبوداتنا / لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ /يعنون الرسول صلى الله عليه وسلم وصفوه بالشعر والجنون؛ لأنه قال لهم: قولوا لا إله إلا الله، ونهاهم عن عبادة الأصنام.

ولما قال لهم: قولوا لا إله إلا الله، قالوا: / أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ / [ص:5] يحسبون الآلهة متعددة.

فدل على أن معناها لا معبود بحق إلا الله، ولو كان معناها لا خالق ولا رازق إلا الله، فإن هذا يقرون به ولا يمارون فيه، فلو كان هذا معناها، ما امتنعوا من قول لا إله إلا الله؛ لأنهم يقولون إذا سئلوا من خلق السماوات والأرض يقولون: الله، إذا سئلوا من الذي يخلق؟ من الذي يرزق؟ من الذي يحيي ويميت؟ ويدبر الأرض؟ يقولون: الله. هم يعترفون بهذا فلو كان هذا معنى لا إله إلا الله لأقروا بهذا، لكن معناها لا معبود بحق إلا الله.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام