خصوصا العلم الضروري فإنه يسأل عنه يوم القيامة، لِمَ لَمْ تتعلم؟ لماذا لَمْ تسأل؟ الذي يقول إذا وضع في قبره: ربي الله والإسلام ديني ونبيي محمد - صلى الله عليه وسلم - هذا ينجو، يقال له: من أين حصَّلت هذا؟ يقول: قرأت كتاب الله وتعلمته.
أما الذي أعرض عن ذلك فإنه إذا سئل في قبره فإنه يقول: هاه هاه لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، فهذا يؤجج عليه قبره نارا - والعياذ بالله - ويضيق عليه فيه حتى تختلف أضلاعه، ويصبح في حفرة من حفر النار؛ لأنه ما درى ولا تلا فيقال له: /لا دريت ولا تليت [أو لا تلوت] / [1] فهو لم يتعلم ولم يَقْتَدِ بأهل العلم، وإنما هو ضائع في حياته، فهذا الذي يؤول إلى الشقاء والعياذ بالله.
فقوله: العلم: هذا هو العلم الشرعي المطلوب منا جماعة وأفرادا، وهو معرفة الله بأسمائه وصفاته، ومعرفة حقه علينا وهو عبادته وحده لا شريك له، فأولُ ما يجب على العبد هو معرفةُ ربه - عز وجل - وكيف يعبده.
وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه [5]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[5] قوله: وهو معرفة الله: كيف يعرف العبد ربه؟ يعرفه بآياته ومخلوقاته فمن آياته الليل والنهار، ومن مخلوقاته الشمس والقمر، كما يأتي بيان هذا إن شاء الله.
يعرف الله بآياته الكونية وآياته القرآنية. إذا قرأ القرآن، عرف الله - سبحانه وتعالى - أنه هو الذي خلق السماوات والأرض، وأنه هو الذي سخر ما في السماوات والأرض، وأنه هو الذي يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، وأنه الرحمن الرحيم. فالقرآن يعرف بالله - عز وجل -، وأنه هو الذي أنعم علينا بجميع النعم، وأنه هو الذي خلقنا ورزقنا، فإذا قرأت القرآن عرفت ربك - سبحانه وتعالى - بأسمائه وصفاته وأفعاله.
وإذا نظرت في الكون عرفت ربك - سبحانه وتعالى - أنه هو الذي خلق هذا الخلق، وسخر هذا الكون وأجراه بحكمته وعلمه - سبحانه وتعالى -، هذا هو العلم بالله - عز وجل -.
قوله: ومعرفة نبيه: هو محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه هو المبلغ عن الله - عز وجل -، وهو الواسطة بيننا وبين الله - عز وجل - في تبليغ الرسالة، لا بد أن تعرفه، تعرف من هو؟ وتعرف نسبه وتعرف بلده، وتعرف ما جاء به - صلى الله عليه وسلم -، تعرف كيف بدأه الوحي؟ وكيف قام بالدعوة إلى الله - عز وجل - في مكة والمدينة، تعرف سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولو باختصار.
الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف إلى آخر النسب النبوي الذي ينتهي إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وتعرف كيف عاش قبل البعثة، وكيف جاء الوحي من الله - عز وجل -، وماذا عمل - عليه الصلاة والسلام - بعد بعثته، تعرف ذلك بدراسة سيرته - صلى الله عليه وسلم - ولا يليق بالمسلم أن يجهل الرسول - صلى الله عليه وسلم - كيف تتبع شخصا وأنت لا تعرفه؟! هذا غير معقول.
ومعرفة دين الإسلام [6]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[6] قوله: معرفة دين الإسلام: الذي هو دين هذا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل هو دين الله - عز وجل - الذي أمر به عباده، والذي أمرك باتباعه وأنت مطالب به لا بد أن تعرف هذا الدين والإسلام هو دين جميع الرسل، كل الرسل دينهم الإسلام بالمعنى العام، فكل من اتبع رسولا من الرسل فهو مسلم لله - عز وجل - منقاد
(1) أخرجه البخاري مختصرًا مِن حديث أنس (1338) ، وأخرجه مسلم مختصرًا أيضًا مِن حديث أنس رضي الله عنه (2870) ، وأخرجه أبو داوود من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه الطويل (4753)