/ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ /حرف عطف وترتيب، أي أن استواءه على العرش جاء بعد خلق السماوات والأرض، لأنه من صفات الأفعال التي يفعلها الله متى شاء.
ومعنى استوى: ارتفع وعلا.
العرش: هو سقف المخلوقات.
وهو في اللغة: السرير، وهو سرير ذو قوائم تحمله الملائكة وهو أعظم المخلوقات وأعلى المخلوقات.
الاستواء: صفة من صفات الله الفعلية كما يليق بجلاله سبحانه وتعالى، ليس كاستواء المخلوق على المخلوق، وليس هو بحاجة إلى العرش؛ لأنه هو الذي يمسك العرش وغيره / إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ / [فاطر: 41] فالعرش محتاج إلى الله - عز وجل - لأنه مخلوق، والله غني عن العرش وغيره، لكنه استوى عليه لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى، والاستواء نوع من العلو، لكن العلو صفة ذات، وأما الاستواء فهو صفة فعل يفعله إذا شاء سبحانه وتعالى.
/ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ /يغشي الليل بالنهار، ويغطي النهار بالليل، فبينما ترون الكون مضيئا يغطيه الليل فيصبح مظلما، والليل يغطيه النهار فيصبح مضيئا.
/ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا /يأتي هذا بعد هذا مباشرة ولا يتأخر، فإذا أدبر الليل جاء النهار، وإذا أدبر النهار جاء الليل مباشرة لا يتأخر هذا عن هذا، وهذا من كمال قدرته سبحانه وتعالى، لا يفتر هذا عن هذا، والشمس هي الكوكب العظيم المعروف، والقمر كذلك كوكب من الكواكب السبعة السيارة، وكل منهما يجري ويدور على الأرض، والأرض ثابتة مستقرة، جعلها قرارا، أي قارة ثابتة لمصالح العباد، والشمس وسائر الأفلاك تدور عليها، لا كما يقوله المتخرصون الآن من الذين يدعون المعرفة يقولون: إن الشمس ثابتة والأرض تدور عليها هذا عكس ما في القرآن. . . / وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا / [يس: 38] . وهم يقولون: الشمس ثابتة، يا سبحان الله! والنجوم: هي الكواكب، مسخرات بأمره: مسخرات في الجريان والدوران دائما لا يفترن، وهذا رد على الذين يعبدون الشمس والقمر والكواكب بأنها مسخرة بأمر الله مأمورة، الله الذي يجريها، والله الذي يوقفها إذا شاء سبحانه وتعالى، فهي مسخرة مدبرة ليس لها من الأمر شيء.
يأمرها سبحانه فتجري وتدور وتضيء بأمره الكوني سبحانه وتعالى، يطلع هذا ويغرب هذا ويتعاقبان، نصب الشمس والقمر والنجوم على العطف، لأن السماوات: منصوب، لأنه مفعول وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة، لأنه جمع مؤنث سالم، والأرض منصوب بالفتحة، ثم قال: والشمس والقمر معطوف على المنصوب، والمعطوف على المنصوب منصوب.
مسخرات: منصوب على الحال أي حال كونها مسخرات، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة، لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. قال / أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ /.
ألا: أداة تنبيه وتقرير. له: سبحانه وتعالى لا لغيره.
الخلق: وهو الإيجاد، فهو القادر على الخلق إذا أراد سبحانه وتعالى يخلق ما شاء.
والأمر: أمره سبحانه وتعالى، وهو كلامه سبحانه وتعالى الكوني والشرعي.
أمره الكوني: الذي يأمر به المخلوقات فتطيعه وتستجيب له مثل قوله: / فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا/ [فصلت: 11] . أمرهما سبحانه، وهذا أمر كوني أمر به السماوات والأرض فتكونت / إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ / [يس: 82] هذا أمر كوني.
أما الأمر الشرعي: فهو وحيه المنزل الذي يأمر به عباده، يأمرهم بعبادته، يأمرهم بالصلاة، يأمرهم بالزكاة، يأمرهم ببر الوالدين، هذا أمره الشرعي يدخل فيه الأوامر والنواهي التي في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، هذا من أمر الله سبحانه وتعالى.
إذا كان له الخلق والأمر فماذا بقي لغيره سبحانه وتعالى؟ ولهذا يقول ابن عمر لما قرأ هذه الآية، قال: من له شيء فليطلبه، ودلت الآية على الفرق بين الخلق والأمر، ففيه رد على من يقولون بخلق القرآن، لأن القرآن من