فهرس الكتاب
الصفحة 42 من 122

الأمر، وأمر الله ليس مخلوقا، لأن الله غاير بين الخلق وبين الأمر، فجعلهم شيئين متغايرين، والقرآن داخل في الأمر فهو غير مخلوق.

وهذا ما خصم به الإمام أحمد الجهمية لما طلبوا منه أن يقول بخلق القرآن، قال: هل القرآن من الخلق أو من الأمر؟ قالوا: القرآن من الأمر، قال: الأمر غير مخلوق، الله غاير بينه وبين الخلق، فجعل الخلق شيئا والأمر شيئا آخر.

الأمر كلام، وأما الخلق فهو إيجاد وتكوين، يوجد فرق بينهما.

تبارك الله: أي: تعاظم الذي هذه أفعاله سبحانه وتعالى، وهذه قدرته، وهذه مخلوقاته تبارك وتعالى.

وتبارك: فعل خاص به سبحانه، فلا يطلق على غيره، والبركة هي كثرة الخير ونماؤه، وبركات الله - جل وعلا - لا تتناهى، أما المخلوق فلا يقال له تبارك. إنما يقال له مبارك يعني: بارك الله فيه، وجعله مباركا، والبركة كلها من الله سبحانه وتعالى.

رب العالمين: مثل ما سبق، ففي هذه الآية تقرير التوحيد، توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية كما سبق.

والرب هو المعبود، والدليل قوله تعالى: / يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ /الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ / [البقرة: 22] [9]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[9] قوله: والرب هو المعبود: أي هو الذي يستحق العبادة، وأما غيره فلا يستحق العبادة، لأنه ليس ربا، هذا وجه كلام الشيخ - رحمه الله - بقوله: الرب هو المعبود أي: هو الذي يستحق العبادة، ثم أيضا لا يكفي أن الإنسان يقر بالربوبية، بل لا بد أن يقر بالعبودية لله سبحانه وتعالى، ويفعلها مخلصا له سبحانه وتعالى، فما دام أقر أنه الرب فإنه يلزمه أن يقر أنه هو المعبود، وأن غيره لا يستحق شيئا من العبادة، والدليل على أن العبادة خاصة بالرب قوله تعالى: / يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ /الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ /.

يا أيها الناس: هذا نداء من الله لجميع الناس، المؤمنين والكفار، لأن الله ذكر في هذه السورة، سورة البقرة، انقسام الناس إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: المؤمنون الذين يؤمنون بالغيب، ويؤمنون باليوم الآخر، ووصفهم بأنهم هم المفلحون في قوله: / أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ / [البقرة: 5] .

القسم الثاني: الكفار الذين أظهروا الكفر والعناد، قال تعالى: / إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ / [البقرة: 6] .

القسم الثالث: المنافقون الذين ليسوا مع الكفار وليسوا مع المؤمنين: / مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ / [النساء: 143] . فهم مؤمنون في الظاهر لكنهم كفار في الباطن، وهؤلاء شر من الكفار المجاهرين بكفرهم، ولهذا أنزل فيهم بضع عشرة آية، بينما أنزل في المؤمنين آيات قليلة وفي الكفار آيتين، أما المنافقون فبدأ ذكرهم من قوله: / وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا / [البقرة: 8] إلى قوله: / يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ / [البقرة: 20] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام