وقد أنزل الله في أمثالهم: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} [محمد: 25] ، ثم قال بعد ذلك: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ} . [محمد: 29، 30] ، ثم يُوَجِّهُ اللهُ الخطابَ بعد ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ولصحابته الكرام يخبرهم أنه سيمتحنهم بالمنافقين والمرتدين بقوله عز وجل: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} ، [محمد: 31] ؛ نعم قد كان القرآن واقفًا لهم بالمرصاد ليفضح نواياهم ويكشف مخططاتهم ويحذر حزبه المتقين وأولياءه الصالحين من غَدْرِهم وعمالتهم المستمرة لأعداء الملة الإسلامية في طول الزمان وعرضه، {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ} [الرعد: 17] .
ظهر المسلمون وتزعموا العالم وعزلوا الأُمَمَ المريضة من زعامة الإنسانية التي استغلتها وأساءت عملَها، وساروا بالإنسانية سيرًا حثيثًا متزنًا عادلاً، وقد توفرت فيهم الصفات التي تؤهلهم لقيادة الأمم، وتُضْمَنُ سعادتُها وفلاحُها في ظِلِّهم وتحت قيادتهم.