معجزة في إعجاز القرآن وتفسيره بأحوال الخلق في كل زمان، وتصويره الدقيق لكل جماعة ولكل أمة ولكل مجتمع في طول الزمان وعرضه، وما يحدث فيه من خلل وتخلخل؛ فهو يرصد أحوال الناس ويصوغها ويصورها تصويرًا بليغًا وكأنه ينزل مع كل حادثة ويتجدد مع تقلبات الخلق في كل أرض وتحت كل سماء.
ألا ترى أن القرآن يلقي النذر ويحذر عباده المؤمنين من الركون إلى أعدائهم من المنافقين وأهل الكفر ألا يسروا إليهم، ولا يتخذوا منهم بطانة يطلعونهم على أسرارهم، وأنهم لا يؤتمنون على أسرار المسلمين؛ فهم لا تستريح نفوسهم إلا بما يغيظ المسلمين ويبعث لهم المتاعب، ويكدِّر عليهم صفو حياتهم؛ قال جل جلاله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا