أي حرية رأيٍ يزعمون؟ إن الفكر الحرَّ في نَظَرِ العلمانيين العرب هو ما علموه من جامعات الغرب، وما دَسَّه في عقولهم وأفكارهم أساتذتُهم وبعض أعلام ورُوَّاد التبشير الأوروبي وغيره، وأوكلوا إلى مريديهم القيام بدور المهمة التي عجز السادة عن القيام بها، وإقناع الناس بمضمونها المدمِّر.
فأوكلوا تنفيذ تلك المخططَّات الرَّهيبة المدمرة لأخلاق المسلمين ومعتقداتهم، وتَسَلَّمَها الأذناب كما يتسلم رقيب الخلف الراية من رقيب السلف، وسموها ظلمًا وزورًا باسم الفكر الحر، ولربَّما هششنا لسماع كلمة الفكر الحر وقلنا: عسى أن يرفع ذلك الفكر الحر بعض القيود المفروضة على حرية الفكر الإسلامي في بعض البلدان، وحين كشف عن وجهه الكالح وأعلنت مبادئ ذلك الفكر الحر كما يسمونه لمخادعة الجماهير الإسلامية، فإذا بالجبل يتمخض عن فأرة، وإذا بخيبة الأمل تفاجئ الأمة الإسلامية، وإذا بذلك الفكر المستورد يهاجم أَجَلَّ ما عُرِفَ به الإسلام وحده؛ يهاجمه بضراوة وشراسة لم يسبق لها في التاريخ مثيل، ثم يجبن عن كل ما سواه من الظلم والاستبداد في كل بلد ابتلي بالقوانين العلمانية الوافدة على المسلمين