فهرس الكتاب
الصفحة 57 من 105

أولًا: أَنَّهم أصحابُ كتابٍ مُنَزَّلٍ وشريعة إلهية؛ فلا يُقَنِّنُون ولا يُشَرِّعون من عند أنفسهم؛ لأن ذلك منبعُ الجهل والخطأ والظلم، ولا يخبطون في سلوكهم وسياستهم ومعاملاتهم للناس خبط عشواء، قد جعل الله لهم نورًا يمشون به في الناس وجعل لهم شريعة ومنهاجًا يحكمون به بين الناس؛ قال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} . [المائدة: 8] .

ثانيًا: أنهم لم يتولَّوا الحكمَ والقيادةَ بغير تربيةٍ خلقية وتزكية نفس؛ بخلاف غالب الأمم والأفراد ورجال الحكومة في الماضي والحاضر؛ بل مكثوا زمنًا طويلاً تحت تربية محمد صلى الله عليه وسلم وإشرافه الدقيق يؤدبهم ويؤهلهم ويدربهم على الزهد والورع والعفاف والأمانة والإيثار على النفس والأهل والقرابة ويعلمهم خشية الله في السر والعلن، ويحذرهم من الاستشراف للإمارة والحرص عليها، يقول صلى الله عليه وسلم: «إنا والله لا نولي على هذا العمل أحدًا سأله أو أحدًا حرص عليه» . متفق عليه، ولا يزال يقرع أسماعهم قولُ الله عز وجل: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} . [القصص: 83] ، فكانوا لا يتهافتون على الوظائف والمناصب وتعظيم

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام