فهرس الكتاب
الصفحة 170 من 207

والأدلة على هذا النوع كثيرة ذكر منها المؤلف قول الله تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} : أي بكفره وتمرده وتكبره وتجبره وإنكاره المعاد [1] . {قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} ، قال ابن السعدي - رحمه الله - «فاطمأن إلى هذه الدنيا، ورضي بها، وأنكر البعث، فقال: {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي} على ضرب المثل {لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} ، أي: ليعطيني خيرًا من هاتين الجنتين، وهذا لا يخلو من أمرين: إما أن يكون عالمًا بحقيقة الحال، فيكون

كلامه هذا على وجه التهكم والاستهزاء فيكون زيادة كفر إلى كفره، وإما أن يكون هذا ظنه في الحقيقة، فيكون من أجهل الناس وأبخسهم حظًا من العقل، فأي تلازم بين عطاء الدنيا وعطاء الآخرة ... والظاهر أنه يعلم حقيقة الحال، ولكنه قال هذا الكلام على وجه التهكم والاستهزاء بدليل قوله تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} ، فإثبات أن وصفه الظلم في حال دخوله، الذي جرى منه من القول ما جرى يدل على تمرده وعناده» [2] .

وليس من هذا طلب الخليل إبراهيم من ربه أن يريه كيف يحي الموتى «فقال الله له: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} ليزيل الشبهة عن خليله {قَالَ} إبراهيم: {بَلَى} يا رب، قد آمنت أنك على كل شيء قدير وأنك تحيي الموتى، وتجازي العباد،

(1) تفسير ابن كثير (3/ 83) .

(2) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص: 427) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام