فهرس الكتاب
الصفحة 672 من 741

المطلب الثالث: الترجيح

حاصل الأقوال المتقدمة كلها: الاتفاق على أن الكافر لا تنفعه أعماله الحسنة نفعًا يخلصه من النار ويدخله الجنة، حتى ولو اقترن ذلك بشفاعة شافع، وهذا مما انعقد الإجماع عليه، كما نقله القاضي عياض (1) ، والنووي (2) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"أما الشفاعة والدعاء، فانتفاع العباد به موقوف على شروط وله موانع، فالشفاعة للكفار بالنجاة من النار، والاستغفار لهم، مع موتهم على الكفر لا تنفعهم، ولو كان الشفيع أعظم الشفعاء جاهًا، فلا شفيع أعظم من محمد -صلى الله عليه وسلم-، ثم الخليل إبراهيم، وقد دعا الخليل إبراهيم لأبيه واستغفر له، كما قال تعالى عنه: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) } [إبراهيم: 41] ، وقد كان -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يستغفر لأبي طالب، اقتداءً بإبراهيم، وأراد بعض المسلمين أن يستغفر لبعض أقاربه، فأنزل الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) } [التوبة: 113] ، ثم ذكر الله عذر إبراهيم فقال: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: 114, 115] ... فهذا لما مات مشركًا لم"

(1) انظر: إكمال المعلم (1/ 597) ، وشرح النووي على مسلم (3/ 87) .

(2) انظر: شرح النووي على مسلم (17/ 155) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام