الجنة:"وفي هذه الآثار مع إجماع الجمهور دليل على أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: (الشقي من شقي في بطن أمه) (1) ، وأن الملك ينزل فيكتب أجله، ورزقه، ويكتب شقيًا أو سعيدًا في بطن أمه: مخصوص مجمل، وأن من مات من أطفال المسلمين قبل الاكتساب، فهو ممن سعد في بطن أمه، ولم يشقَ، بدليل ما ذكرنا من الأحاديث والإجماع" (2) .
وأما استدلالهم بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سُئل فقيل له: يا رسول الله أفرأيت من يموت وهو صغير؟ قال: (الله أعلم بما كانوا عاملين) . فقالوا: إن هذا الجواب يعم جميع الصغار: أولاد المسلمين وأولاد الكافرين، فالجواب عنه: ما ذكره القرطبي وابن القيم:
قال القرطبي:"هذا السؤال إنما كان عن أولاد المشركين، كما جاء مُفَسَّرًا من حديث ابن عباس (3) " (4) .
وقال ابن القيم بعد ذكر استدلالهم بهذا الحديث:"هؤلاء لو تأملوا ألفاظه وطرقه لأمسكوا عن هذا الاحتجاج، فإن هذا الحديث رُوي من طرق متعددة ... كلها صحاح تبين أن السؤال إنما وقع عن أولاد المشركين" (5) .
(1) أخرجه مسلم من حديث ابن مسعود (16/ 431) ح (2645) .
(2) التمهيد (6/ 349 - 350) .
(3) ولفظه: سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أولاد المشركين، فقال: (الله إذ خلقهم أعلم بما كانوا عاملين) متفق عليه: البخاري (1/ 465) ح (1317) ، ومسلم (16/ 450) ح (2660) .
(4) المفهم (6/ 677) .
(5) أحكام أهل الذمة (2/ 1078 - 1081) .