وإنما هو العمل والتعقل بمعاني الأسماء والإيمان بها" (1) ."
وقال الحافظ ابن حجر معقبًا على كلام ابن الجوزي:"فيه نظر، لأنه لا يلزم من مجيئه بلفظ: (حفظها) تعيُّن السرد عن ظهر قلب، بل يحتمل الحفظ المعنوي" (2) .
القول الثاني: أن المراد بالإحصاء: الإطاقة كقوله سبحانه: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: 20] أي: لن تطيقوه، ويكون معنى الحديث: من أطاقها وذلك بالمحافظة على حدودها، والقيام بحقها، والعمل بمقتضاها، فإذا قال: السميع البصير، علم أنه لا يخفى على الله خافية، وأنه بمرأى منه ومسمع، فيخافه في سره وعلنه، ويراقبه في كافة أحواله، وإذا قال: الرزاق، اعتقد أنه المتكفل برزقه يسوقه إليه في وقته، فيثق بوعده، ويعلم أنه لا رازق له غيره، وهكذا بقية الأسماء.
القول الثالث: أن المراد بالإحصاء: العقل والمعرفة، مأخوذ من الحصاة وهي العقل، قال طرفة (3) :
وإن لسان المرء ما لم تكن له ... حصاة على عوراته لدليل (4)
= [انظر: وفيات الأعيان (1/ 110) ، والسير (17/ 453) ، والعبر (2/ 262) ، وشذرات الذهب (3/ 245) ] .
(1) نقل ذلك عنه ابن حجر في الفتح (11/ 226) .
(2) الفتح (11/ 226) .
(3) هو أبو عمرو طرفة بن العبد بن سفيان البكري الوائلي، شاعر جاهلي، وأحد أصحاب المعلقات السبع المشهورة، كان أحدث الشعراء سنًا وأقلهم عمرًا، حيث قتل وهو ابن عشرين سنة، وقيل ست وعشرين، توفي في حدود سنة ستين قبل الهجرة. [انظر: الشعر والشعراء لابن قتيبة (103) ، والأعلام (3/ 225) ، وشرح المعلقات العشر (67) ] .
(4) ديوان طرفة بن العبد (81) من قصيدة له مطلعها:
لِهندٍ بحزان الشريف طلول تلوح وأدنى عهدهن محيل