وإنما جعلنا هذا الخبر من أمثلة الرؤيا، لقول ابن مزين:"قال بعض فقهائنا: وذلك لرؤيا رآها أبو بكر تأول فيها ذلك"، نقله الباجي في"المنتقى" (6/ 104) ، ولولا هذا النقل، لعددناها من الإِلهام.
وتأمل قول أبي بكر رضي الله عنه:"أراها جارية"، على الظن من غير جزم؛ تجده كما قلنا آنفاً: إن إلهام وتعبير غير المعصوم غير معصومين.
قال أبو إسحاق الشاطبي في"الموافقات":"إذا لاح لأحد من أولياء الله شيء من أحوال الغيب؛ فلا يكون على علم منها محقق لا شك فيه، بل على الحال التي يقال فيها: أرى، أو: أظن، فإذا وقع مطابقاً في الوجود، وفرض تحققه بجهة المطابقة أولاً والاطراد ثانياً؛ فلا يبقى للإِخبار به بعد ذلك حكم؛ لأنه صار من باب الحكم على الواقع" (4/ 85) .
• بشرى الأولياء:
وقد جعل الله لأوليائه البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة؛ ففسرت البشرى الدنيوية بالرؤيا، كما روي عن جمع [من] الصحابة مرفوعاً وموقوفاً تتبعها صاحب"الدر المنثور" (3/ 311) ، وتنزل الملائكة عليهم- كما في آية فصلت- يكون عند الموت وفي القبر وحال البعث، كما في"تفسير البغوي"عن وكيع بن الجراح و"تفسير ابن كثير"عن زيد بن أسلم، وذلك خارج عن حكم الدنيا؛ فلهذا خص الحديث المبشرات بالرؤيا، ولم يبق بعد خاتم النبيين وحي
فقلت: يا أَبَتِ! والله لو كان كذا وكذا لتركتهُ، إنما هي أسماءُ، فمن الأخرى؟ فقال أبو بكر: ذُو بَطْنِ بنتِ خارجةَ أُراها جاريةً.
وإسناده صحيح كما قال الحافظ في"الفتح" (5/ 215) .
وانظر:"الإرواء" (6/ 61 - 62/ 1619) لشيخنا.