فهرس الكتاب
الصفحة 6 من 45

الفصل الأول

الغلو في باب صفات الله تعالى

يجدر القول ابتداء أن الغلو في الصفات القدسية للباري جل شأنه إثباتاً وتنزيهاً ليست أول المسائل التي وقع فيها الغلو والخلاف، لكننا قد بيناها هنا لكونها من أهم مسائل الدين، ولاستمرار خطر أقوال الغلاة فيها إلى وقتنا الحاضر.

وأول من عرف عنه هذا النوع من الغلو هو الجعد بن درهم - معلم مروان بن محمد - والذي ضحى به خالد بن عبد العزيز القسري والي العراق من قبل الأمويين لمقالته في خلق كلام الله عز وجل ونفي خلق الله لفعل عبده سنة (118 هـ) .

كما قال ابن القيم:

ولأجل ضحى بجعد خالد الـ ... قسريُّ يوم ذباع القربان

إذ قال إبراهيم ليس خليله ... كلا ولا موسى الكليم الداني

شكر الضحية كلُّ صاحب سنة ... لله درك من أخي قربان

وقد تلقى عن الجعد أقواله الجهم بن صفوان الترمذي (128 هـ) أبو محرز وبواسطته انتشرت أقوال الجعد ولكنها نسبت إليه. وقد قتله سَلْم بن أحوز والي خراسان أيضاً.

وصفات الله تعالى عند الفرق بين طرفين ووسط:

ـ فقوم عطلوا الله سبحانه وتعالى عن صفاته - وهم الغلاة في التنزيه.

ـ وقوم شبهوا الله بخلقه - وهم غالية الإثبات زعموا!

ـ وقوم وسط بينهما نجوا مما ما زلت به عقول أولئك فأثبتوا لله صفاته كما جاءت على ما يليق بجلاله وعظمته وعرفوا معانيه وأسندوا علم حقائقها وكيفياتها إلى لله سبحانه وتعالى، وإثباتهم للصفات لم يستلزم منه تشبيه الله وتمثيله بخلقه اعتماداً على مبدأ قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11] ، وهم أهل الكتاب والسنة والجماعة تلامذة الصحابة والتابعين ومن على نهجهم ساروا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام