فهرس الكتاب
الصفحة 23 من 45

وفي الحقيقة من مذهب الجبرية الجهمية نفي الحكمة في مرادات الله مشيئته.

وسأذكر بعد قول القدرية نماذج من مناظرات تدلل على فساد قولهم وتهافتها وسقوطها أمام العقول السليمة.

المبحث الثالث: الغلو في إثبات فعل العبد وإرادته:

أي استقلال قدرة العبد وإرادته عن إرادة الله وقدرته، تعالى الله عما يشركون.

وهم القدرية؛ لأنهم أثبتوا قدرة للعبد مخالفة لقدرة الله فسموا القدرية، وقيل لنفيهم قدرة الله وإرادته في أفعال عباده، والأول أظهر.

وقال بهذه المقولة معبد بن خالد الجهني (80 هـ) والذي أخذها عن رجل من النصارى اسمه سوسن - كما قال الأوزاعي.، وأخذ المقولة عن معبد غيلان بن مسلم الدمشقي (105 هـ) ثم قالت بها المعتزلة.

وهو قول الحمزية - أتباع حمزة بن أكرك - والميمونية من الخوارج، وقول الكرامية أتباع محمد بن كُرَّام الزاهد - من المرجئة.

وقولهم: إن العبد يخلق فعل نفسه ويختار بإرادته ومشيئته ثم يوجد الفعل بنفسه وقدرته وحدها. والله مع علمه بذا من عبده ليس له صنع ولا تقدير ولا تدخل ولا تغيير في إرادة عبده. [1]

فقال معبد الجهني وغلاة القدرية: لا قدر وأن الأمر أنف [2] لم يسبق بإرادة ولا تقدير ولا علم من الله تعالى وإنما يعلم به الله بعد وقوعه.

*فالفرق بين قول عامة القدرية وغلاتهم: هو في نفي علم الله بفعل العبد قبل وقوعه منه أو بعده أو بالتقريب؛ فإن غلاة القدرية ينفون مراتب القدر الأربع جميعها:

(1) انظر قولهم هذا في: المغني وأبواب العدل والتوحيد 8/ 3 وما بعدها، وشرح الأصول الخمسة ص 323، 431، والمقالات 1/ 238، 298 - 299، و دراسات العقائد والفرق 267 - 269. والقضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة، وأقوال الناس فيه.

(2) كما في قصة يحيى بن يعمر وعبد الرحمن الحميدي لما قدما على ابن عمر، في مسلم ـ كتاب الإيمان ـ باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان رقم 1.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام