فهرس الكتاب
الصفحة 19 من 45

الفصل الثالث

الغلو في القضاء والقدر

القدر سرُّ الله في خلقه، والبحث فيه بحث في بحر عميق مظلم، وحيرة عقول وأفهام إلا من سلمه الله تعالى، والجدل فيه على غير هدى خطره عظيم يورث الضلال والبعد عن الفطرة السليمة، كما سيورث الشك والشبهة.

* وللقدر مرتبتان متضمنتان أمرين - هما:

1 ـ الكتابة: فكل ما قدره الله إلى يوم القيامة فهو مكتوب، كما ورد في حديث عبادة بن الصامت لما وصى ابنه قائلاً:

(( يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب. قال: ربِّ وما ذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة وحتى قيام الساعة ) )يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( من مات على غير هذا فليس مني ) )رواه أبو داود والترمذي وقال أحمد: حديث غريب من هذه الوجه [1]

فهذه المرتبة - أي الكتابة - متضمنة علم الله تعالى بما كتب - عقلاً وشرعاً - قال الله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: 70] .

2 ـ المشيئة والإرادة: فلا يقع شيء في فعل الله وخلقه إلا بأمره ومشيئته قال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} [الإنسان: 30] ولا شك أن مخلوقاته تحت مشيئته.

(1) أبو داود في كتاب السنة ـ باب القدر، والترمذي في كتاب القدر باب 17 (قدر الله المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض) ، ورواه ابن أبي عاصم في السنة رقم 102 - 108، وقال الألباني: حديث صحيح.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام