فهرس الكتاب
الصفحة 37 من 45

* أما الخوارج والمعتزلة فمن أظهر شبههم التمسك بقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء: 93] .

فقالوا: هذا مؤمن ارتكب معصية وكبيرة بقتله مؤمناً آخر عدواناً وتعمداً، فالله تعالى جعله مخلداً في ناره، ولا يخلد في النار إلا الكافر؛ فدل على أنه كافر مخلد في النار بكبيرته، وعلى هذا باقي المعاصي.

* والرد عليهم من عدة وجوه:

1 ـ إن الله ذكر الخلود في الآية ولم يذكره على التأبيد كقوله عن أهل الجنة: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [البينة: 8] .

وكقوله عن أهل النار في ثلاثة مواضع من القرآن في أواخر النساء والأحزاب والجن {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} فصرّح سبحانه فيها بالخلود مع التأبيد.

فعليه يكون المراد بالتخليد في هذه الآية المكث الطويل، خاصة أن معصية قتل النفس التي حرم الله من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، كما دل عليه حديث السبع الموبقات، فدل على عظم هذا الجرم وكبره لا على كفر فاعله!.

2 ـ أن الله تعالى في أحكام القصاص سمى القاتل أخاً للمقتول، كما قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178] .

فلو كان القاتل كافراً لما جاز أن يسميه الله أخاً للمؤمن؛ لأن الأخوة مودة ولا تكون إلا للمؤمن {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ} [المجادلة: 22] .

3 ـ يجوز العفو في القصاص إلى الدية، وإلى لا شيء تكرماً وتفضلاً، فلو كان القاتل كافراً مرتداً، لم يجز إسقاط الحد عنه بالعفو، للحديث (( من بدل دينه فاقتلوه ) )ولحديث (( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة ) ).

4 ـ القاتل لو أقيم عليه الحد لصلي عليه وغسل ودفن مع المسلمين في مقابرهم وجازت الصدقة عنه .... وعليه إجماع السلف.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام