من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً )) [البخاري (3/ 111) ] .
وفي هذا المبحث فرعان:
الفرع الأول: قيام ولاة أمور المسلمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لقد جعل الله رسوله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة للمسلمين في كل شيء، إلا ما نص على اختصاصه به، ومن ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً} [الأحزاب: 21] ، وقال تعالى: {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ... } [الأعراف: 157] .
وقال في ولاة أمور المقتدين به صلى الله عليه وسلم: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} [الحج: 41] .
وقد شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم لولاة الأمور أن يقوموا في رعاياهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السفر والحضر والمسجد والمنزل والشارع والسوق وعلى كل حال من الأحوال لما يترتب على ذلك من مطاردة المنكر بكل أنواعه في كل مكان حتى لا يجد له مأوى في المجتمع الإسلامي يستقر فيه.
فمن أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر في المسجد ما رواه جابر رضي الله عنه أن رجلاً مر في المسجد بأسهم قد أبدى نصولها فأمر أن يأخذ بنصولها لا يخدش مسلماً، وفي حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على نصالها ... أن يصيل أحداً من المسلمين منها شيء ) ) [البخاري (8/ 90) ] .
ومن أمره صلى الله عليه وسلم بالمعروف ونهيه عن المنكر ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: (( ما هذا يا صاحب الطعام؟ ) )قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: (( أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس منا ) ) [مسلم: (1/ 99) ] .
ومن أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر في السفر وعلى مرأى من جموع كبيرة من البشر في وقت عبادة من أعظم العبادات ما رواه جابر رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( استنصت