وقال ابن حزم رحمه الله: (كل شيء أسكر كثيره أحد من الناس فالنطفة منه فما فوقها إلى أكثر المقادير خمر، حرام ملكه وبيعه وشربه واستعماله على كل أحد ... ) [المحلى (7/ 488) ] .
فإذا كان الله تعالى إنما حرم على الناس أم الخبائث، والخمر أم الخبائث كما نص على ذلك السلف وعلى رأسهم عثمان بن عفان رضي الله عنه وقد حرمت بالكتاب والسنة والإجماع وقد لعن الله كل من شارك في الحصول عليها ومعنى ذلك أن مبيحها - أي الذي يبيح للناس أن يبيعوها ويشتروها ويصدروها ويستوردوها يكون أولى باللعن من غيره بل إن الذي يحل شيئاً علم تحريمه من الدين بالضرورة لا يكون مسلماً بل هو كافر، وهذا الصنف من الناس يكون محارباً لله ولرسوله وللمؤمنين ويكوم واقفاً ضد الحكم بما أنزل الله، فلا يليق أن يلجأ إلى الإسلام ليستعين به في وقاية شعبه مما يرى هو فيه مضرة كالمخدرات، لأنه يستعين بشيء يرى الناس أنه عدو له، فلا يمكن أن يستجيبوا له ولكن الذي يحرم ما حرم الله ويحل ما أحل الله ويحكم بشرع الله له الحق أن يستعين بأحكام الإسلام على مطاردة المنكرات كلها والناس يصدقونه عندما يذكر الإسلام ويستدل به [ليس في هذا تثبيط لمن يحاربون الإسلام عن الاستفادة من تطبيق أحكامه وإنما المراد الحض على التطبيق الكامل لأحكام الإسلام] .
وعندئذ تكون صيانة الناس وعقولهم من المسكرات والمخدرات - وكذلك التدخين تكون بالطرق الآتية:
الأولى: منع صناعتها في داخل البلاد منعاً باتاً وإنزال العقوبة المناسبة بكل من تعاطى ذلك.
الثانية: منع إدخالها إلى البلاد عن طريق التجارة أو الاقتناء دون تفريق بين الناس، وإنزال العقوبة المناسبة بكل من حملها معه أو حاول إذخالها بأي وسيلة.
الثالثة: الحكم على من ضبط متعاطيها لها بما في شرع الله دون تعاون.
وقبل هذا كله تربية الشعب كله فرداً وأسرة ومجتمعاً على أنها من الخبائث التي حرم الله وأن الله يعاقب من ارتكبها كما مضى في الفصول والمباحث السابقة.
والإسلام وحده هو القادر على صيانة العقل من المفسدات المعنوية والمادية معاً ولا يستطيع أي دين أو أي قانون أن يصونه كما يصونه الإسلام وسيأتي ما يؤكد هذا في الفصل السابع إنشاء الله.
المال مال الله استخلفه في عباده، فهو سبحانه المالك الحق، ولا يجوز لخلقه الذين استخلفهم فيه أن يحرزوه أو ينفقوه إلا من حيث هو مشروع.