فهرس الكتاب
الصفحة 22 من 42

بخلاف عامة الشعوب الإسلامية فإن الإدمان فيهم أقل من زعمائهم، بسبب بعد الصنف الأول عن دينه أكثر من الصنف الثاني، لأن الصنف الأول قد ملئت عقوله بالمفسدات المعنوية وهي ثقافة أهل الغرب السامة [راجع كتاب: الخمر بين الطب والفقه للدكتور محمد على البار، الذي نص على أسماء بعض زعماء الشعوب الإسلامية ممن عرف عنهم تعاطي الخمر ص:95 - 96] .

الأمر الثالث: صيانة العقل من المفسدات المادية، وتندرج تلك المفسدات كلها في كلمة واحدة عني بها القرآن والسنة والفقه الإسلامي، وهي الخمر التي هي أم الخبائث كلها، لأنها تجمع بين التفتير والسكر الذي هو قمة الإضرار بالعقل، فالسكر لا يحصل إلا بعد التخدير والتفتير، وهذا ما أشار إليه علماء اللغة، كما قال الإمام مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري المشهور بابن الأثير: (وفي حديث عمر أنه رزق الناس الطلاء فشربه رجل من فتخدر) أي ضعف وفتر كما يصيب الشارب قبل السكر ومنه خدر الرجل والديه [النهاية في غريب الحديث (2/ 12) ] .

وفي ترتيب اللسان: (وقد خدرت الرجل، تخدر والخدر من الشراب والدواء فتور يعنري الشارب وضعف ... والخدر الكسل والفتور ... ) [ترتيب السان (2/ 797) ] ، (وخدر العضو خدراً، من باب تعب: استرخى فلا يطيق الحركة) [المصباح المنير (مادة: خدر) لأحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي] .

والأصل في تحريم الأشياء في الشريعة الإسلامية كون المحرمات خبائث عند الله الذي يعلم خبثها سواء ظهر ذلك للناس أو له يظهر، كما قال تعالى: {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} الآية [الأعراف: 157] .

ومن ضمن هذه الخبائث الخمر التي حرمها الله تعالى في كتابه وحرمها رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته وأجمعت الأمة على تحريمها، كما قال ابن قدامة رحمه الله: (الخمر محرم بالكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} إلى قوله {فهل أنتم منتهون} [المائدة: 90] .

وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( كل مسكر خمر، وكل خمر حرام ) )رواه أبو داود، والإمام أحمد [مسلم بلفظه (كل مسكر خمر وكل مسكر حرام) وأبو داود (4/ 85) والترمذي (4/ 290) وأحمد (2/ 16،31،105،134،137) ] ، وروي عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( لعن الله الخمر وشاربها وساقيها، وبائعها ومبتاعها، وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه ) )رواه أبو داود [أبو داود (4/ 82) وراجع الترمذي (3/ 580) ] ، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تحريم الخمر بأخبار تبلغ بمجموعها رتبة التواتر، وأجمعت الأمة على تجريمها ... ) [المغني (5/ 158) ] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام