فهرس الكتاب
الصفحة 6 من 42

سيارته وفي الشارع وفي بيت الخلاء وفي أي مكان تحرك أو سكن فيه، وأن صورته تظهر على حقيقتها على مرآة التلفاز أمام مراقبين يتابعونه هل تراه يستطيع أن يخالف القانون ويفعل ما سيعاقب عليه من قبل السلطة القادرة على القبض عليه وعلى معاقبته؟.

فكيف إذا علم العبد وآمن أن الله محيط به يعلم كل حركاته وسكناته وخطرات قلبه في كل لحظة من لحظات حياته؟

فلو أن الإنسان يربى على العلم بهذه الصفة الإلهية والإيمان بها وما يترتب على ذلك من صغره فنشأ على ذلك لما كان يجترئ أغلب من رُبِّي على ذلك على ارتكاب المعاصي والاعتداء على الحقوق سواءً كانت حقوق الله أو حقوق عباده ولكان المؤمن بهذه الصفة يحقق الإحسان الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ) [مسلم (1/ 36 - 37) ] .

وقال الأستاذ أبو الأعلى المودودي رحمه الله في هذا المعنى:(وأهم شيء وأجدره في هذا الصدد أن الإيمان بلا إله إلا الله يجعل الإنسان مقيداً بقانون الله ومحافظاً عليه، فإن المؤمن يكون على يقين بسبب اعتقاده بهذه الكلمة أن الله خبير بكل شيء، وهو أقرب إليه من حبل الوريد، وأنه إن أتى بعمل في ظلمة الليل، أو حالة الوحدة فإن الله يعلمه، وأنه إن خطر بباله شيء جميل فإن علم الله محيط به، وأنه إن كان من الممكن له أن يخفي أعماله على كل واحد في الدنيا فإنه لا يستطيع إخفاءها على الله عز وجل، وإن كان يستطيع أن يفلت من بطش أي كان فإنه لا يستطيع أن يفلت من الله عز وجل.

فعلى قدر ما يكون هذا الإيمان راسخاً في ذهن الإنسان يكون متبعاً لأحكام الله قائماً عند حدوده، لا يجرؤ على اقتراف ما حرم الله ويسارع إلى الخيرات والعمل بما أمر الله ولو في ظلمة الليل أو حالة الوحدة والخلوة، فإن معه شرطة لا تفارقه حيناً من أحيانه، وهو يتمثل دائماً أمام عينيه تلك المحكمة العليا التي لا يكاد الإنسان ينفذ من دائرة حسابها) [مبادئ الإسلام ص 98 طبع الاتحاد الإسلامي للمنظمات الطلابية] .

فإذا فقد الإنسان العلم والإيمان بهذا المعنى فإنه سيرتكب كل ما يهواه عندما يشعر أنه لا يعلم به القادر على تأديبه وسيكون الموظف المسئول عن متابعة المجرمين مجرد ما يتعاطى هو بنفسه المسكرات والمخدرات أو يخفي جرائم المتاجرين في ذلك والذين يتعاطونه إذا نال منهم فائدة مادية، وهذا أمر يعرفه أهله أما من علم هذا المعنى وآمن به فأمانته يعرفها ذوو الخبرة في هذه الأمور.

إن المجرم إذا علم أن أحداً يعلم جريمته إذا ارتكبها، ولكنه يعلم أن هذا العالم بجريمته عاجز عن متابعته وعقابه فإنه يستطيع أن يرتكب تلك الجريمة وينجوا من عقاب ذلك العالم بجريمته ولو كان يبغضها غاية

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام