الفصل الرابع
صرف الشباب إلى ميادين التزكية والجهاد
وفي هذا الفصل مبحثان:
المبحث الأول: صرف الشباب إلى ميادين التزكية.
المراد بالتزكية:
تطهير النفس من الآثام والمعاصي وإلزامها بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولهذا الأمر بعث الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الناس وأنزل كتابه، والذي يتزكى يكون مهتدياً صالحاً، والذي لا يتزكى يكون ضالاً شقياً.
فإذا أريد لأي مجتمع أن يكون مجتمعاً صالحاً تظهر فيه الفضيلة وتختفي فيه الرذيلة فعلى ولاة الأمور فيه أن يقوموا بتزكيته وتطهيره ويصرفوا شبابه إلى كل ميدان يحقق فيهم تلك التزكية التي لا يفلح إلا من منّ الله بها عليه، قال تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون} [البقرة: 151] .
وكان بعث الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم إلى هذه الأمة استجابة لدعاء إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام ربهما أن يبعث فيها هذا الرسول ليعلمهم ويزكيهم كما قال تعالى: {ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم} [البقرة: 129] .
وأكد سبحانه وتعالى امتنانه على المؤمنين ببعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم لتعليمهم وتزكيتهم، فقال: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} [آل عمران: 164] ، وقال تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} [الجمعة: 2] ، وقال تعالى: {قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها} [الشمس: 9] وقال: {قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى} [الأعلى: 14 - 15] ، وقال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم} [التوبة: 103] .
ظاهر من هذه الآيات القرآنية أن الله تعالى بعث رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بهذا القرآن ليتلوه على الناس ويعلمهم هذا الدين ويزكيهم ويطهرهم به، وأن من تزكى أفلح ومن لم يتزك ضل.
وبناء على ذلك فإن من أراد أن يقر في الأرض الخير والصلاح ويحارب الشر والفساد فلا يد أن يقوم بتعليم الناس دينهم بالكتاب والسنة وأن يجتهد في تزكيتهم بتوجيههم إلى الأعمال الصالحة، وإذا لم يفعل