وفروعه، فإن الإيمان يغير النفوس من شريرة إلى خيرة، ولا يمكن لغير الإيمان أن يغير تلك النفوس ذلك التغيير.
إن الإيمان الصادق لا بد أن يثمر العمل الصالح، والعمل الصالح هو أصول الإسلام الخمسة وما تفرع عنها: الشهادتان وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام وكلما أوجب الله على المسلم عيناً أو كفاية وكذلك اجتناب ما حرمه الله تعالى عليه، بل إن المؤمن الحق هو الذي يفعل المندوبات ويترك المكروهات ويترك المباحات التي يخشى أن تؤدي به إلى ما فيه بأس.
ويجب أن يربى المجتمع المسلم على القيام بالعمل الصالح من فعل واجب أو ترك محرم، كما يستحب أن يربى على فعل المندوبات وترك المكروهات، وأن يكون العمل الصالح هذا هو المسيطر على هذا المجتمع وأن يكون ولاة أمور المسلمين وهم الحكام والعلماء قدوة حسنة في ذلك للمجتمع فإن تطبيق معاني الإسلام في المجتمع تجعل الخير فيه مألوفاً وتجعل الشر منكراً.
يشعر المجتمع المسلم عندما يطبق فيه الإسلام بالارتياح والطمأنينة لكل عمل مشروع ويحب صاحبه ويقدره، كما يشعر هذا المجتمع بالنفور من أي عمل سيء ويبغض صاحبه، فيظهر بذلك الخير والخلق الحسن ويختفي الشر والخلق السيء فلا يوجد في هذا المجتمع سوق نافقة للمعاصي والمنكرات فلا زناً ولا رباً ولا قتل ولا قتال ولا ظلم ولا خمر ولا مخدرات ولا غيرها.
وهذا بخلاف ما إذا اختفى تطبيق الإسلام أو ضعف فإن المجتمع لا يغضب لمنكر ولا يتأذى منه، بل إنه يستسيغه وقد يؤيده كثير من أفراده.
التطبيق للإسلام يدفع المجتمع المسلم إلى التعاون على البر والتقوى، وعدم تطبيقه يدفع إلى التعاون على الإثم والعدوان، أو على السكوت عن الإثم والعدوان، والسكوت في النتيجة تعاون على الإثم والعدوان.
وأرى أن أقتصر في هذا المبحث عل ما مضى، لأنه سيأتي في الفصول والمباحث الآتية ما يمكن أن يغني عن الإطالة هنا في هذا الموضوع.