فهرس الكتاب
الصفحة 10 من 42

خوفاً من عذابه في ذلك اليوم، ويسارع إلى طاعة الله طمعاً في ثوابه ورضاه في ذلك اليوم.

وقد أجمل الله سبحانه وتعالى رحلة الإنسان وأطوارها خاتماً بالبعث بعد الموت فقال: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة، فخلقنا المضغة عظاماً، فكسونا العظام لحماً، ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين، ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون} [المؤمنون: 12 - 16] .

فالتذكير باليوم الآخر بما فيه من أهوال البعث والحشر والجزاء من أهم ما يوقظ الغافلين، والذي يؤمن بذلك حق الإيمان لا بد أن يطلب رضوان الله بفعل أوامره وترك نواهيه، كما أنه لا بد أن يفر من سخطه كذلك، ولهذا عني القرآن الكريم بذلك، كما قال تعالى: {ياأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد} [الحج:1 - 2] ، وقال تعالى: {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون} [الأنبياء: 1 - 3] .

فالذي لا يؤمن بالآخرة أو يغفل عنها لا يرجى منه خير ولا إقلاع عن الشر والفساد في الأرض.

قال المودودي رحمه الله:(فإنكار الإنسان للحياة الآخرة أو الإقرار بها له تأثير في حياته، فإن الذي فطر عليه الإنسان أن يصبوا إلى عمل أو يعرض عنه إلا على قدر ما يرى فهي لنفسه فائدة أو ضرر، فأنى للذي لا يغدوا نظره فائدة هذه العاجلة وضررها أن ينشط لعمل صالح لا يرجوا منه فائدة في هذه الدنيا، أو يجتنب عملاً سيئاً لا يخاف منه على نفسه ضرراً في هذه الدنيا؟ أما الذي ينفذ بصره إلى نتائج الأعمال ولا يقف عند ظواهرها، فلا يرى نفع هذه العاجلة أو ضررها إلا شيئاً عارضاً، فيؤثر الحق على الباطل والخير على الشر، نظراً إلى فائدة الآخرة أو مضرتها الأبدية ولو كان الخير يعود إلى نفسه بأقدح ضرر والسيئة بأعظم منفعة في هذه الدنيا.

فانظر إلى ما بين هذين الرجلين من الفرق العظيم والبون الشاسع، فالخير في نظر الأول ما يحصل نفعه في هذه الحياة الفانية ... والشر عنده ما ينتج أو يخشى أن ينتج شيئاً مكروهاً في هذه الدنيا ... بينما الخير في نظر الرجل الثاني ما يرضي الله والشر ما يسخطه، وهو يرى أن الخير في كل حال وإن لم ينفعه في هذه الحياة الدنيا ... وأن الشر في كل حال وإن لم يذق، أو لم يخف أن يذوق وباله في هذه الحياة الدنيا) [مبادئ الإسلام ص:115 - 117] .

فإذا ما أردنا الأمن والسعادة وانقياد الناس للخير وابتعادهم من الشر، ومن ذلك تعاطي المسكرات والمخدرات فعلينا أن نغرس في نفوسهم الإيمان بالله وبكتابه وباليوم الآخر، وغيرها من أصول الإيمان

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام