نوراً على نور.
أما إذا كانت الأسرة غير صالحة - أي لم ترب على الإسلام - فإن الشر يستقر فيها ويكون المعروف منكراً والمنكر معروفاً يتعاون الأفراد على الإثم والعدوان ولا يتعاونون على البر والتقوى، وأولاد هذه الأسرة يغلب عليها الشقاء وحب الشر بدلاً من حب الخير ويصعب على المجتمع أن يؤثر فيهم بالخير والصلاح إلا من شاء الله.
فإذا قامت الأسرة بواجبها في تربية أفرادها على الإسلام فإن ارتكاب الجريمة ومنه تناول المسكرات والمخدرات لا بد أن يقل لعدم قبول الأسرة له ومقاومتها له وإن لم تقم الأسرة بتربية نفسها على الإسلام فإن المسكرات تتفشى في الأسرة ويكثر ارتكاب المعاصي والإعانة عليه وهناك يكمن الخطر.
ولهذا أمر الله أولياء أمور الأسر بأن يقوا أنفسهم وأهليهم النار فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} [التحريم: 6] .
الأسرة تستطيع أن تقوم بواجب تربية أفرادها على الإسلام في محيطها، ولكنها لا تستطيع أن تحمي أفرادها من أوبئة الفساد المنتشرة في الدولة، فالمدارس والأسواق والنوادي والمنتزهات وأجهزة الإعلام وغيرها من مرافق المجتمع العامة تشرف عليها الدولة وليست الأسرة.
والأسرة مضطرة إلى تعليم أولادها في المدارس، والمدارس أغلبها تحت إشراف الدولة، والأسرة تضطر إلى شراء حاجاتها من السوق والخروج إلى الشارع، والسوق والشارع تشرف عليهما الدولة، والأسرة تحتاج أن تمشي في مناكب الأرض وتمتع نفسها بالمناظر الجميلة في البساتين العامة والغابات وشواطئ البحار، وهذه وتلك إنما تشرف عليها الدولة فإذا قاما الدولة بواجبها من حماية الأسرة والمجتمع من الفساد الإعلامي والتعليمي والاجتماعي كان ذلك تعاوناً مع الأسرة على المزيد من الخير وإلا هدمت الدولة كل ما تبنيه الأسرة، ونحن نعرف أن بعض الدول المسئولة في بعض الشعوب الإسلامية تحاول هدم الإيمان في النفوس واتخذت كل الوسائل لاقتلاع الأخلاق الإسلامية ونشر الرذيلة والفساد بين الشباب، حتى أصبح المسلم يأمن على نفسه وعرضه وأولاده في المجتمعات الكافرة أكثر من أمنه في بلاد المسلم الذي هو مسقط رأسه.
وولاة الأمر الذين هذا دأبهم لا يرجى منهم إلا تقوية المنكر وإفشائه، فهل يحق لأمثال هؤلاء أن يستعينوا بالإسلام على محاربة بعض الفساد الذي اضطروا لمحاربته لا إرضاء لله ولكن لأغراض أخرى قد تكون اقتصادية؟ كلا.