وقد يفسق بعضهم عن أمر الله ويخرج عن طاعته فيصر على مقارفة الفساد ومحاولة نشره فلا بد له من رادع يردعه ويطهر المجتمع من فساده.
فالذي لاي يقومه كتاب الله وسنة رسوله والترغيب والترهيب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من قبل المجتمع فإن في قوة السلطان ما يقومه ويردعه كما قال ابن تيمية رحمه الله: (فالمقصود من إرسال الرسو وإنزال الكتب أن يقوم الناس بالقسط في حقوق الله وحقوق خلقه، كما قال تعالى: {وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب} [الحديد: 25] ، فمن عدل عن الكتاب قوم بالحديد، ولهذا كان قوام الدين بالمصحف والسيف، وقد روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:(( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نضرب بهذا - يعني السيف - من عدل عن هذا، يعني بالمصحف ) ) [مجموع الفتاوى (28/ 263 - 264) ] .
فالواجب على ولاة أمور المسلمين أن يحكموا بما شرع الله كاملاً وينهوا عن كل معصية نهى الله عنها ويأمر بكل طاعة أمر الله بها فإن في ذلك وقاية للمجتمع من الفساد وصونها له من الانهيار، وعليهم أن يقوموا في المجتمع بحدود الله التي أمر بها بدون تهاون ولا تأخر إذا ما توفرت شروطها لأنها العلاج الحاسم لأمراض المجتمع والتساهل في إقامتها أكثر إجراماً من ارتكاب الفسقة للجرائم لأن في ذلك تمكيناً للجريمة في الأرض وإقرارها خلافاً لأمر الله تعالى.
وبهذا يعلم أنه لا يوجد دين في الأرض ولا قانون عنده قدرة على منع المنكر والمعاصي في الأرض مثل دين الإسلام وذلك لأمور ثلاثة:
الأمر الأول: ما فيه من التربية الإيمانية التي تكون حارساً لتصرفات المؤمن في قلبه لا تفارق لحظة من لحظات حياته، فإذا فارقته قليلاً ذكر الله فتاب ورجع إلى الله.
الأمر الثاني: ما فيه من الشمول للأخلاق الفاضلة التي يجب أن يتحلى بها المسلم وكذلك ما فيه من الشمول للنهي عن الأخلاق السيئة التي فيها ضرر على الفرد والأسرة والمجتمع بتفاصيل دقيقة ونصوص واضحة سواء فيما يتعلق بالأخلاق الحسنة المأمور بها أو الأخلاق السيئة المنهي عنها.
الأمر الثالث: ما فيه من الحسم الكامل في تطبيق حكم الله على من ارتكب ما نهى الله عنه سواء فيما يتعلق بالحدود والقصاص أو بقية المعاصي التي فيها التعزير، والمسلمون يطبقون ذلك كله: إيماناً وسلوكاً وزجراً، عبادة لله تعالى.