فهرس الكتاب
الصفحة 26 من 42

ذلك فترك الناس يرتكسون في حمأة المعاصي والشهوات ويبتعدون عن التزكية والتطهير اللذين يغيران النفوس ويقودانها إلى الطاعة فلا ينتظر من الناس أن ينقادوا له إذا طلب منهم الابتعاد عن بعض المنكرات التي يرتكبونها، مثل الابتعاد عن المسكرات والمخدرات، فإنه قد ترك لهم الحبل على الغارب في الابتعاد عن طاعة الله والوقوع في معاصيه، وكثير من حكام الشعوب الإسلامية يبيحون الخمر فتباع وتشترى في بلادهم، بل إنها تتعاطى على مرأى ومسمع منهم وقد يتناولها بعض كبار رجال الدولة، ثم يطلبون من أفراد شعبهم أن يجتنبوا المخدرات وهذا غريب ومنطق معكوس، فالخمر أم الخبائث كما سماها بذلك سلفنا الصالح وعلى رأسهم عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد نهى الله تعالى عنها في كتابه وحرمها كما نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وحرمها وعاقب عليها ولعن كل من اشترك في تحضيرها وشربها ومع ذلك يبيحها قانون بعض البلدان الإسلامية وتوضع للتجارة فيها لوائح وأنظمة وتجبى منها الضرائب.

فعلى ولاة الأمور أن يزكوا أنفسهم أولاً من إباحة ما حرم الله وعليهم أن يوجدوا الأسباب التي تزكي شعوبهم حتى يتركوا ما حرم الله بدافع إيماني، وإلا فليتحملوا مسئولية تقصيرهم، بل وتعمد كثير منهم الابتعاد عن تزكية الشعوب وتطهيرها.

وميادين التزكية التي يمكن أن يوجه إليها الشباب كثيرة جداً، وأولها القيام بأصول الفرائض وفروعها، كإقامة الصلاة وصوم رمضان وإيتاء الزكاة وحج بيت الله الحرام وغيرها.

وقد دلت نصوص القرآن والسنة أن هذه الفرائض تزكي صاحبها وتوصله إلى التقوى وترك المنكرات.

ولأذكر أمثلة لهذه النصوص تدل على ما ذكر بدون تطويل فقد أثبت الله تعالى للمصلي الفلاح، لأنه تزكى بها وبغيرها، قال تعالى: {قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى} [الأعلى: 14 - 15] وأكد تعالى أن الصلات تكف صاحبها - إذا أداها على وجهها- عن الفواحش والمنكرات، فقال تعالى: {أتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلات تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون} [العنكبوت: 45] .

فإذا كانت الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولم يهتم بها ولاة الأمور فيحملوا الناس عليها بالترغيب والترهيب كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل، وكثير من المنتسبين إلى الإسلام لا يقيمون الصلاة فكيف نطلب منهم أن يتركوا بعض المنكرات.

وذكر سبحانه أن إخراج المسلم زكاة ماله يطهره الله به ويزكيه، كما قال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم} [التوبة: 103] .

وأكثر الأغنياء في الشعوب الإسلامية لا يأخذ أولياء أمور المسلمين منهم زكاة أموالهم بل يخجلون أن يأخذوها باسمها ويأخذون منهم ضرائب وهم غير راضين بها، ولو أنهم أقاموا حكم الله فحثوا الناس على

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام