فهرس الكتاب
الصفحة 32 من 42

الناس )) ثم قال: (( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ) ) [البخاري (8/ 91) ] .

ومن ذلك قصة الفضل بن عباس الذي كان راكباً خلفه صلى الله عليه وسلم في هذه الحجة، فمرت نساء يسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ الفضل ينظر إليهن فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل ليحول بينه وبين النظر إلى النساء، فحول الفضل وجهه ينظر من الشق الآخر فحول الرسول صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر ليحول بينه وبين النظر إليهن [راجع صحيح مسلم (2/ 891) ] .

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع لأولياء أمور المسلمين منهاجاً يسيرون عليه، وهو أن يبذلوا وسعهم في اتخاذ الأسباب التي تحول بين الشباب ووصوله إلى معصية الله، حتى لو اقتضى الأمر أن يقوم ولي الأمر بنفسه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو قارنا بين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرعه وبين ما يحصل اليوم في أكثر الشعوب الإسلامية من منكرات يسمح بها ولاة أمور المسلمين إما صراحة وإما ضماناً في الأسواق والنوادي والمسارح وأجهزة الإعلام من إذاعة وتلفاز وفيديو وجريدة ومجلة وغيرها، حتى أن التلفاز يعرض ما هو منكر ويدعوا إلى المنكر في كل بيت، فيرى الشاب مغازلة الرجال للنساء ومنا هو أعظم ويرى عرض أفلام تدعوا إلى الجرائم الخلقية والجنائية ومن ذلك تناول المسكرات والمخدرات، وهذه الأخيرة يقال: إنها تعرض للتنفير من عواقبها ولكن لو تتبع المسئولون فقراتها بدقة لرأوا أنها تدعوا إلى العكس في كثير من الأحيان، إذ يكون الفوز في المسلسلة لبائعي المخدرات ومروجيها حيث يصبحوا أغنياء وإن كان فيها ضحايا من غيرهم، وهل يأمن ولاة الأمور من أن يتفق الممثلون اتفاقات سرية مع تجار المخدرات لتكون المسلسلات في حقيقة الأمر من وسائل ترويج المخدرات؟

قارن أيها العاقل بين تغطية الرسول صلى الله عليه وسلم وجه الفضل بن العباس من أن ينظر إلى ما حرم الله عليه وبين سماح كثير من ولاة الأمور لشاشة التلفاز أن يعرض فيها هذا المنكر وغيرها على الأسر وفيهم السباب والشابات، ثم نرى بعد ذلك الاستنجاد بالإسلام لوقاية الشباب من بعض المنكرات أترى هذا منطقاً مستقيماً أم هو مكب على وجهه؟

إن المنكرات يجر بعضها إلى بعض، فالخمر تدعوا إلى الزنا والاعتداء على الأنفس والأموال، والزنا يدعوا إلى غيره، والواجب على ولاة الأمور أن يتخذوا كل الوسائل المشروعة لمحاربة كل الموبقات ليتطهر المجتمع من أرجاسها.

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إن من خصائص الأمة الأمر بكل معروف والنهي عن كل منكر، لكل أحد من البشر [كتاب الاستقامة (2/ 200 - 203) ] .

فالمعصية التي تتمكن من الإنسان تجره إلى غيرها، والإنسان الذي يصر على معصية ينقلها لغيره،

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام