فهرس الكتاب
الصفحة 103 من 122

وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا / [النساء: 97 - 100] . [65] .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[65] هاتان الآياتان فيهما الوعيد على من ترك الهجرة وهو يقدر عليها، وأن مأواه جهنم وساءت مصيرا، وإن كان لا يخرج من الإسلام، لكن هذه من نصوص الوعيد، وإن كان ترك الهجرة فقد ترك واجبًا، وكان عاصيًا، ولكن لا يخرج من الإسلام بترك الهجرة، ولكن عليه وعيد شديد. ثم بين الله بالآية التي بعدها العذر الذي يسقط وجوب الهجرة، قال تعالى:/ إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ /يعني الأطفال / لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً /، ما عندهم إمكانيات، / وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا /، أي: ما يعرفون الطريق إلى البلد المدينة؛ لأن الهجرة تحتاج إلى سفر، وإلا فإن الإنسان يهلك خلال الهجرة إذا كان لا يعرف الطريق، فعذرهم في أمرين:

الأول: لا يستطيعون حيلة.

الثاني: ولا يهتدون سبيلا، حتى لو كان عندهم إمكانيات مادية، ولكنهم لا يعرفون الطريق الذي يسلكونه، من يدلهم هذا هو العذر الصحيح.

أما الإنسان الذي عنده إمكانيات ويعرف الطريق فهذا لا عذر له.

وقوله تعالى: / يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ / [العنكبوت: 56] .

قال البغوي رحمه الله: سبب نزول هذه الآية في المسلمين الذين بمكة ولم يهاجروا، ناداهم الله باسم الإيمان. [66]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[66] هذه الآية من سورة العنكبوت، وفيها الأمر بالهجرة وأن أرض الله واسعة، إذا كنت في بلد لا تتمكن من إظهار دينك فيها، فهناك أرض الله واسعة، انتقل منها، لا تبقَ في هذه البقعة السيئة بل اخرج منها إلى أرض الله الواسعة، قد وسع الله الأرض سبحانه وتعالى، والدليل على الهجرة من السنة قوله صلى الله عليه وسلم: / لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها / [1] .

أما قوله صلى الله عليه وسلم: / لا هجرة بعد الفتح / [2] ظاهر هذا الحديث أن الهجرة انتهت بعد فتح مكة، وظن بعض الناس التعارض بين هذا الحديث وبين قوله صلى الله عليه وسلم: (/ لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها /) لكن أهل العلم أجابوا عن هذا الحديث، أن المراد لا هجرة بعد الفتح أي: من مكة، لأنها صارت بالفتح دار إسلام، يظنون أن الهجرة باقية من مكة بعد الفتح، فيريدون تحصيل ثواب الهجرة، وأما الهجرة من بلاد الكفر فهي باقية إلى أن تقوم الساعة، والدليل الآيات السابقة والحديث النبوي السابق، هذا هو الجواب على هذا الإشكال.

(1) سبق تخريجه ص 101.

(2) أخرجه البخاري (2783) ، ومسلِم (1353) (85) قبل الحديث (1864) (86) مِن حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وأخرجه مسلم (1864) من حديث عائشة رضي الله عنهما.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام