الفاحشة، والبعد عن الزلل، هذه المواقف الرائعة توحي للإنسان بأهمية مبادئ بطل القصة وصحتها، وتستهويه صفات هذا البطل، وانتصاره بعد صبر ومصابرة طويلة، فيتقمص هذه الصفات حتى إنه ليقلدها، ولو لم يقصد إلى ذلك، وحتى إنه ليردد بعض هذه المواقف ويتصورها، ويسترجعها من شدة تأثره بها.
*- عن طريق التفكير والتأمل: فالقصص القرآني لا يخلو من محاورات فكرية ينتصر فيه الحق، ويصبح مرموقا محفوظا بالحوادث، والنتائج التي تثبت صحته، وعظمته في النفس وأثره في المجتمع، وتأييد الله له، ففي قصة يوسف عليه السلام تجد حوارا يدور بينه وبين فتيين عاشا معه في السجن فدعاهما إلى توحيد الله، وقصة نوح عليه السلام كلها حوار بين الحق والباطل، وكذلك قصة شعيب، وصالح وسائر الرسل عليه السلام، حوار منطقي مدعوم بالحجة، والبرهان يتخلل القصة، ثم تدور الدوائر على أهل الباطل، ويظهر الله الحق منتصرا في نتيجة القصة، أو يهلك الباطل وأهله، فيتظاهر الإقناع العقلي المنطقي والإثارة الوجدانية، والإيحاء وحب البطولة"الاستهواء"، والدافع الفطري إلى حب القوة وتقليد الأقوياء، تتظاهر كل هذه العوامل وتتضافر، يؤيدها التكرار مرة بعد مرة، فما أكثر تكرار بعض قصص القرآن، حتى تؤدي بمجموعها إلى تربية التصور الرباني للحياة، وللعقيدة واليوم الآخر، وإلى معرفة كل جوانب الشريعة الإلهية [1]
1/ مصدرها وحي من الله تعالى:
يقول الدكتور فضل عباس يرحمه الله"مصدر القصة القرآنية هو مصدر القران نفسه فهي وحي الله تبارك وتعالى لذا نجدها هادفة فهي ذات هدف ديني أخلاقي لا"
(1) النحلاوي، عبد الرحمن، أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع، ط 25 (سوريا، دمشق، دار الفكر، 1428، 200) ، ص- 184