ورد في كتب التفاسير والسير أن جماعة قالوا في غزوة تبوك: ما رَأَيْنَا مثلَ قراءنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنًا ولا أجبن عند اللقاء. قال رجل: كذبت، ولكنك منافق، لأُخْبِرَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل في ذلك قرآن وهو قوله عز وجل: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} . [التوبة: 65، 66] ، فأرسل صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر قائلًا: «أدرك القوم؛ فإنهم قد احترقوا، فاسألهم عمَّا قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى قلتم كذا وكذا» . فانطلق إليهم عمار فقال ذلك لهم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكبٌ على راحلته، فقالوا: والله يا رسول الله إنما كُنَّا نخوض ونلعب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} .
قلت: انظر يا رعاك الله كم هو الفرق بين قول الفريقين وعملهم؛ أولئك سيوفهم على عواتقهم مجاهدون في سبيل الله مع رسول الله وفي صحبته وتحت لوائه، وقالوا كلمة سخرية بالقراء من المهاجرين