وهو يُوَجِّهُ فكرَه إلى قومه في مقام الشورى حين قال: {قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} . [غافر: 29] : يتضح من الآية الأولى أن فرعون طَلَبَ مِنْ مَلَئِه الموافقةَ على قتل موسى عليه السلام خوفًا من أن يُغَيِّرَ عليهم دينَهم - أي ألوهية فرعون - ويصرفَهم عنها إلى عبادة من خلق الأرض والسماوات العلى، وأخوف ما يخاف فرعون من موسى أن يفسد في الأرض! وهذا في عرف فرعون هو فساد في الأرض!
وفي شطر الآية الثانية يبدو فرعون واعظًا ومُذَكِّرًا ومُحَدِّثًا وداعيةً مرشدًا إلى سبيل الهدى والصلاح، قال: {وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} ، ويقول في مقام آخَر مثبِّتًا قومه على العقيدة: {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} . [القصص: 38] .
هذا هو فكر فرعون وكفره وكبرياؤه وغطرسته، سجلها القرآن الكريم مع قبيح فعله وتخليد ذكره في نار جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ثم ذهب الملك والسلطان وبقيت تبعاته المخزية وآلامه الدائمة.
كما قَصَّ الله في كتابه الكريم فِكْرَ أعداء موسى وجبابرة الدنيا أخبرنا الله عنهم حين جاءهم موسى بالبينات {فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} [غافر: 24] ، وفي فكر قارون إذ زعم أن كلَّ ما حصل له من مال وجاه أتاه بعد