فهرس الكتاب
الصفحة 40 من 105

بمثل الذي عَلَّمَ به بشرٌ واحدٌ محمدًا صلى الله عليه وسلم؛ قال عز وجل: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} . [الإسراء: 88] ، إنه تَحَدٍّ رهيبٌ وإذلالٌ لِمَنْ أَخَذَتْهُم العزةُ بالإثم، وغمرهم الكبرياء، وليس ذلك التحدي لكفار قريش الذين أُنْزِلَ القرآن بلسانهم؛ وإنما تحدى به جميع المعاندين في القديم والحديث عربًا وعجمًا، وإنسًا وجنًا؛ لأنه نَزَلَ بِعِزَّةِ العزيز الحكيم، وأَيَّدَتْهُ قُوَّةُ الكبير المتعال.

ثم هو لم يَكْتَفِ أن تحدَّاهم بالقرآن كله؛ فعاد فتحدَّاهم بأن يأتوا بعشر سور فقط من مثل القرآن؛ حتى يُصَوِّرَ لهم ضعفَهم وقلةَ حيلتهم، فقال عز وجل: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [هود: 13] ، ثم استمر في تحديه لهم بالعَدِّ التَّنازلي؛ فبعد أن تحدَّاهم بالقرآن كلِّه بدأ عجزُهم وانهارت قُواهم، فخفَّف التحدي فأمرهم أن يأتوا بعشر سور من مثل القرآن ويستعينوا بكل من يشاؤون، فجبنوا وتنصَّلوا، ثم خَفَّف التحدي إلى أن يأتوا بسورة واحدة فقط من مثل هذا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام