ولا كذلك من دعي إلى قبره ليستغفر له، ومن سوى بين الأمرين وبين المدعوين وبين الدعوتين فقد جاهر بالباطل، وقال على الله وكلامه ورسوله [1] وأمناء دينه غير الحق.
وأما دلالة الآية على خلاف تأويله: فهو أنه سبحانه صدَّرها بقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ [2] إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ} [النساء: 64] [3] [النساء -64] .
وهذا يدل على أن مجيئهم إليه ليستغفر لهم؟ إذ ظلموا أنفسهم طاعة له؟ ولهذا ذم من تخلف عن هذه الطاعة، ولم يقل مسلم قط إن على من [4] ظلم نفسه بعد موته أن يذهب إلى قبره ويسأله أن يستغفر له، ولو كان هذا طاعة له لكان خير القرون قد عصوا هذه الطاعة وعطلوها ووفق لها [5] هؤلاء الغلاة العصاة وهذا بخلاف قوله: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] [النساء / 65] .
فإنه نفى الْإِيمان عمن لم يحكمه، وتحكيمه هو تحكيم [6] ما جاء به حيًّا وميتًا، ففي حياته كان هو الحاكم [7] بينهم بالوحي، وبعد وفاته نوابه وخلفاؤه.
(1) في (ق) :"وكلام رسوله".
(2) ساقطة من (م) .
(3) في بقية النسخ زيادة: فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول.
(4) في (ق) :"في".
(5) في (م) :"له".
(6) في (المطبوعة) :"التحاكم إلى".
(7) في (ح) و (المطبوعة) :"الحكم".