هؤلاء الخلفاء الراشدون المهديون الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ" [1] ، وقال صلى الله عليه وسلم:"الخلافة من بعدي ثلاثون سنة" [2] ، فكان آخرها خلافة علي رضي الله عنه.
الشرح:
قول المصنف رحمه الله (هؤلاء) أي: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.
وقوله (الخلفاء) أي: بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخلفاء جمع خليفة، يقال خلفته أي جئت بعده، والخلافة: الإمارة؛ والمقصود الخلافة العامة أي الإمامة الكبرى التي عرفها الإمام الماوردي رحمه الله فقال:"الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به"، ويشترط فيها الإسلام والبلوغ والذكورة والعقل والحرية والعدالة والسلامة البدنية التي تؤهله للقيام بمهامه وكفاءته للقيام بمهام الإمامة.
وقوله (الراشدون) أي: هذا نعتهم، والرشد ضد الغي، وقد بين الله تعالى صفة الراشدين حيث مخاطباً الصحابة رضوان الله عليهم: {واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثيرٍ من الأمر لَعَنِتُّم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزيَّنه في قلوبكم وكرَّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون} [3] .
وقوله (المهديون) أي: هذا نعتهم أيضاً، والهداية ضد الضلالة، وقد أمر الله تعالى بالاقتداء بمن هذه صفته حيث قال: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} [4] ، وهذه الخصائص أعني الرشد والهداية قد تعينت بالنص في الخلفاء الأربعة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل:
قوله (الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ" [5] أي: هم الخلفاء الشرعيون الذين أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم عليكم أي واجب عليكم؛ فجعل اتباعهم أمراً لازماً وسنتهم سنةً شرعية، وقد تقدم بيان مفردات الحديث.
(1) أخرجه الترمذي - حديث 2676 وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجة - حديث 42، والدارمي في سننه - حديث 95، وأحمد في مسنده - حديث 17184
(2) أخرجه الترمذي - حديث 2226 وقال: هذا حديث حسن، وأحمد في مسنده - حديث 21969
(3) الحجرات - 7
(4) الأنعام - 90
(5) أخرجه الترمذي - حديث 2676 وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجة - حديث 42، والدارمي في سننه - حديث 95، وأحمد في مسنده - حديث 17184