بسم الله الرحمن الرحيم
قال المصنف رحمه الله:
الحمد لله المحمود بكل لسان في كل زمان، الذي لا يخلو من علمه مكان، ولا يشغله شأنٌ عن شأن. جلَّ عن الأشباه والأنداد، وتنزَّه عن الصاحبة والأولاد، ونفذ حكمه في جميع العباد.
الشرح:
(الحمد) هو الثناء على الله تعالى، ومن عرف الله تعالى أثنى عليه لا محالة، فالعبد الذاكر لا يفتر عن الثناء على ربه ومولاه بما هو أهلٌ له، ولا يغفل عن تسبيحه وتنزيهه عما لا يليق به.
والله تعالى هو (المحمود) أي: المستحق للمحامد الكاملة المنزهة عن كل نقص لا يليق بجلال الله وعظَمته.
وقوله: (بكل لسان) : عامٌ في جميع المخلوقات، قال تعالى: {تُسبِّح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيءٍ إلا يُسبِّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً} [1] .
وقوله: (لا يخلو من علمه مكان) أي: أن الله تعالى مع جميع مخلوقاته بعلمه الذي وسع كل شيء، خلافاً لما يقوله أهل الزيغ من أن الله تعالى في كل مكان بذاته تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، بل هو مع مخلوقاته بعلمه كما أخبر سبحانه: {ألم ترَ أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثةٍ إلا هو رابعهم ولا خمسةٍ إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم يُنبِّئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيءٍ عليم} [2] ، فهذه معيَّةُ العلم، فتبَّنه.
وقوله (لا يشغله شأنٌ عن شأن) أي: أن الله تعالى قائمٌ على كل مخلوقاته شهيدٌ عليهم في كل أحوالهم، لا تُعجزه حاجات بعض خلقِه عن بعض كما قال تعالى: {يسأله مَن في السماوات والأرض كلَّ يومٍ هو في شأن} [3] ، ولا يشغله شهود شيءٍ عن شيء كما قال تعالى: وما تكون في شأنٍ وما تتلوا منه من
(1) الإسراء - 44
(2) المجادلة - 7
(3) الرحمن - 29