ارفع رأسك وسل تُعطَه وقل يُسمع واشفع تشفَّع، فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلمنيه، ثم أشفع فيُحد لي حداً فأُدخلهم الجنة، ثم أعود إليه فإذا رأيت ربي مثله، ثم أشفع فيُحد لي حداً فأُدخلهم الجنة، ثم أعود الرابعة فأقول: ما بقى في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود" [1] ."
وقوله (ولا يدخل الجنة أمةٌ إلا بعد دخول أمته) أي: أن هذا أيضاً من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أن الله شرفه وشرف أمته بأنهم أول من يدخلون الجنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نحن الآخرون، الأولون يوم القيامة؛ ونحن أول من يدخل الجنة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، فاختلفوا فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق" [2] الحديث.
وقوله (صاحب لواء الحمد) أي: الراية، راية الحمد حيث يجتمع تحته الحامدون يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم:"أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد، وما من نبي يومئذٍ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي" [3] .
وقوله (والمقام المحمود) أي: مقام الشفاعة العظمى في الفصل بين الخلائق كما تقدم، ودليله قوله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} [4] ، قال الإمام الطبري رحمه الله:"فقال أكثر أهل العلم ذلك هو المقام الذي هو يقومه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة للناس ليريحهم ربُهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم".
وقوله (والحوض المورود) أي: الحوض الذي يرد عليه المؤمنون من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يرتدُّوا على أعقابهم ولم يبدلوا ولم يبتدعوا في دين الله فيشربون من يده الشريفة شربةً لا يظمأون بعدها أبداً كما تقدم.
وقوله (وهو إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم) أي: يوم القيامة كما قال صلى الله عليه وسلم:"إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم غير فخر" [5] ، وهذا من خصائصه صلوات ربي وسلامه عليه، وبهذا وغيره يظهر فضله وشرفه صلوات ربي وسلامه عليه على غيره من الخلق، وبهذا أيضاً
(1) صحيح البخاري - 4206، وصحيح مسلم - 193
(2) صحيح مسلم - 855
(3) سنن الترمذي - حديث 3148 قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح
(4) الإسراء - 79
(5) سنن الترمذي - 4314