فهرس الكتاب
الصفحة 91 من 123

متى" [1] ؛ فإنه محمولٌ على التواضع منه صلوات الله وسلامه عليه، أو أن النهي مصروف إلى المفاضلة في أصل النبوة، والله أعلم."

وقوله (لا يصح إيمان عبدٍ حتى يؤمن برسالته) أي: أن أصل الإيمان لا ينعقد حتى يؤمن العبد بأن محمداً رسولُ الله، إيمان تصديق له وانقياد لأمره صلوات ربي وسلامه عليه، قال تعالى: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نُزل على محمد وهو الحق من ربهم كفَّر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم} [2] ، وقال صلى الله عليه وسلم:"والذي نفس محمدٍ بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهوديٌ ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به إلا كان من أصحاب النار" [3] .

وقوله (ويشهد بنبوته) أي: أن شهادة التوحيد لا تتم إلا بأن يشهد أن محمداً رسول الله مع شهادته أن لا إله إلا الله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له:"ادعهم إلى شهادة أن لا إله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقةً في أموالهم" [4] الحديث، فلم يخاطبهم بشرائع الإسلام الواجبة حتى ينعقد أصل الإيمان بشهادة التوحيد والشهادة بنبوته صلى الله عليه وسلم.

وقوله (ولا يُقضى بين الناس في القيامة إلا بشفاعته) أي: أن من خصائصه صلوات الله وسلامه عليه أنه صاحب الشفاعة العظمى في الفصل بين الخلائق يوم القيامة، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو الناس، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، فاشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا فيقول: لست هناكم ويذكر ذنبه فيستحي، ائتوا نوحاً فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض فيأتونه فيقول: لست هناكم، ويذكر سؤاله ربه ما ليس له به علم فيستحي فيقول: ائتوا خليل الرحمن فيأتونه فيقول: لست هناكم، ائتوا موسى عبداً كلمه الله وأعطاه التوراة، فيأتونه فيقول: لست هناكم، ويذكر قتل النفس بغير نفس فيستحي من ربه فيقول: ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمة الله وروحه فيأتونه فيقول: لست هناكم، ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم عبداً غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوننى فأنطلق حتى أستأذن على ربي، فيؤذن لي، فإذا رأيت ربي وقعت ساجداً فيدعنى ما شاء الله ثم يقال:"

(1) صحيح البخاري - حديث 3215

(2) محمد - 2

(3) صحيح مسلم - حديث 153

(4) صحيح البخاري - 1331، وصحيح مسلم - 19

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام