قال المصنف رحمه الله:
والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان، فالجنة مأوى أوليائه، والنار عقابٌ لأعدائه، وأهل الجنة فيها مخلدون، و {إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون. لا يُفتَّر عنهم وهم فيه مُبلسون} [1] ، ويؤتى بالموت في صورة كبشٍ أملح، فيُذبح بين الجنة والنار، ثم يقال:"يا أهل الجنة خلودٌ ولا موت، ويا أهل النار خلودٌ ولا موت" [2] .
الشرح:
قول المصنف رحمه الله (والجنة والنار مخلوقتان) أي: أنهما موجودتان الآن خلافاً لمن زعم أنهما تخلقان يوم القيامة، والأدلة على ذلك كثيرة، منها أن آدم عليه السلام أخرج من الجنة بعد أن أكل من الشجرة التي نهاه الله عنها، فدل على أن الجنة مخلوقةٌ حقيقةً وأن شجرها موجود يؤكل منه، قال تعالى: {فقلنا يا آدم إن هذا عدوٌ لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى. إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى. وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى. فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد ومُلكٍ لا يبلى. فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة} [3] ، فسكنى آدم الجنة وأكله وحواء منها وأخذهما من ورق الجنة ليسترا سوآتهما كل هذا مما يدل على أن الجنة وما فيها موجودةٌ مخلوقة، وكذلك جهنم حيث قال تعالى: {فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أُعدت للكافرين} [4] ، والإعداد: التهيئة ولا يكون إلا لشيءٍ موجود، ومما يتصل بهذا أن نعيم الجنة وعذاب الجهنم نعيم وعذاب حقيقيان يتعلقان بالبدن والروح خلافاً لملاحدة الفلاسفة الذين يزعمون أن الجنة والنار تعبيران عن نعيم وعذاب معنويين.
(1) الزخرف - 74 - 75
(2) متفق عليه، صحيح البخاري - حديث 4453، ومسلم - حديث 2849
(3) طه - 117 - 121
(4) البقرة - 24