فهرس الكتاب
الصفحة 86 من 123

وقوله (ولسائر الأنبياء والمؤمنين والملائكة شفاعات) أي: أن هناك شفاعات أخرى غير شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ منها شفاعة باقي الأنبياء في أقوامهم، وشفاعة المؤمنين في إخوانهم، وشفاعة الملائكة، تأمل تتمة الحديث السابق:"حتى إذا خلص المؤمنون من النار، فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد منا شدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار، يقولون: ربنا! كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون، فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم، فتحرَّم صورهم على النار، فيخرجون خلقاً كثيراً قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه، ثم يقولون: ربنا! ما بقي فيها أحدٌ ممن أمرتنا به، فيقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه، فيُخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا! لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا، ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه، فيُخرحون خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا! لم نذر فيها ممن أمرتنا أحداً، ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه، فيُخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها خيراً، وكان أبو سعيد الخدري يقول: إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرأوا إن شئتم: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنةً يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً} [1] ، فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيُخرج منها قوماً لم يعلموا خيراً قط قد عادوا حمماً فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل" [2] ،

وقوله (قال تعالى: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون} [3] : هذه الآية في الملائكة، والشاهد منها إثبات الشفاعة لهم فيمن أذن الله تعالى ورضي له بالشفاعة، فالشفاعة لها شرطان: أن يأذن الله فيها وأن يكون المشفوع فيه مرضياً لله تعالى،

وقول المصنف (ولا تنفع الكافرَ شفاعةُ الشافعين) أي: لا تقع أصلاً ولهذا لا ينتفع بها، قال تعالى: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} [4] .

(1) النساء - 40

(2) صحيح مسلم - حديث 183

(3) الأنبياء - 28

(4) المدثر - 48

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام