وقوله (ويزل عنه الفجار) أي: تدحض عنه أقدامهم، و (الفجار) جمع فاجر،
وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ثم يُضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون اللهم سلِّم سلِّم، قيل: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: دحضٌ مزلة، فيه خطاطيف وكلاليب وحسك ٌ تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان، فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والرِكاب، فناجٍ مسلَّم ومخدوشٍ مرسَل، ومكدوسٍ في نار جهنم" [1] ،
وقوله (ويشفع نبينا صلى الله عليه وسلم فيمن دخل النار من أمته من أهل الكبائر) : هذه شفاعته صلى الله عليه وسلم في إخراج أهل الكبائر من الموحدين من نار جهنم، وهذه غير شفاعته الكبرى في الفصل بين الخلائق، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة أن عصاة الموحدين لا يخلدون في جهنم، وإنما هم في خطر المشيئة؛ إن شاء الله عفا عنهم وإن شاء أدخلهم النار حتى يطهرهم من ذنوبهم فيدخلوا الجنة بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذهب بعض أهل البدع والأهواء من الخوارج إلى تكفير مرتكب الكبيرة من الذنوب بمجرد ارتكابها وهذا باطل، فالمسلم الذي يرتكب الكبيرة مؤمنٌ بإيمانه فاسقٌ بكبيرته، فإن تاب منها قبل الموت وإلا فهو في خطر المشيئة إن شاء الله عذبه وإن شاء عفا عنه، وبهذا يتبين أن أهل السنة والجماعة هم أهل الوسطية والاعتدال في مسألة الإيمان بين طرفي الإفراط والتفريط؛ فالخوارج أفرطوا وغلوا وحكموا بكفر مرتكب الكبيرة، والمرجئة فرَّطوا فجعلوا إيمان مرتكب الكبير كإيمان النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وبقي أهل السنة والجماعة أسعد الناس حظاً بالحق، والحمد لله.
وقوله (فيخرجون بشفاعته بعدما احترقوا وصاروا فحماً وحمماً) أي: أن أهل الكبائر يمكثون في نار جهنم عقوبةً وتطهيراً لهم حتى تستحيل أجسامهم فحماً ما عدا مواضع السجود لأن الله تعالى حرم مواضع السجود على النار.
وقوله (فيدخلون الجنة بشفاعته) أي: يشفع النبي صلى الله عليه وسلم بإذن ربه في إخراج المؤمنين من أهل الكبائر من النار بعد أن تطهرهم النار من كبائرهم، فيخرجون من النار ثم يدخلون الجنة بعد أن ينبت الله تعالى أجسادهم في نهر الحياة فكأنهم لم يمسهم سوء قط فيدخلون الجنة.
(1) صحيح البخاري - حديث 773، صحيح مسلم - حديث 183 واللفظ له