فهرس الكتاب
الصفحة 58 من 123

في اللوح المحفوظ حتى يحتج به أو يوافقه عمداً، وهذا في الأمور التكليفية، وأما في الأمور الوضعية أو التكوينية فليس الإنسان مطالباً بتحصيلها ولا مسؤولاً عنها.

وقوله (أراد ما العالَم فاعلوه) أي: الإرادة الكونية التي تتعلق بالخلق والإيجاد، ويشمل ما هو موافقٌ لإرادة الله الشرعية ولما هو مخالفٌ لها لحكمة يريدها الله تعالى، وهذه العبارة فيها إثبات نسبة الفعل للمخلوق، وإثبات خلق الله تعالى لأفعال المخلوقين إذا أراد ذلك وشاءه سبحانه وتعالى،

وقوله (ولو عصمهم لما خالفوه) أي: أن مخالفة المخلوق لأمر الله تعالى ليس منشؤها رجحان إرادة المخلوق على إرادة الخالق سبحانه، وإنما هو الابتلاء والامتحان حيث جعل الله تعالى للمخلوق إرادةً يمتثل بها للأمر والنهي أو يخالف الأمر والنهي فيحاسب ويجازى بمقتضى ذلك، ولا يقع شيء من الموافقة أو المخالفة إلا بإذن الله تعالى، قال الله تعالى: {ولو شاء الله لجعلكم أمةً واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم} [1] .

وقوله (ولو شاء أن يطيعوه جميعاً لأطاعوه) أي: أن الله تعالى قادرٌ على أن يصرف قلوب عباده جميعاً على طاعته، كما خلق الملائكة على طاعة الله تعالى دون معصية حيث قال تعالى: {لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} [2] .

قال المصنف رحمه الله:

خلق الخلق وأفعالهم وقدَّر أرزاقهم وآجالهم، يهدي من يشاء برحمته، ويضل من يشاء بحكمته، قال الله تعالى: {لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون} [3] ، وقال تعالى: {إنّا كلَّ شيءٍ خلقناه بقَدَر} [4] ، وقال تعالى: {ما أصاب من مصيبةٍ في الأرض ولا في أنفسكم إلافي كتابٍ من قبل أن نبرأها} [5] ،

(1) المائدة - 48

(2) التحريم - 6

(3) الأنبياء - 23

(4) القمر - 49

(5) الحديد - 22

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام