الخمر والزنا، وضابطها أن الإرادة الشرعية هي التي يتعلق بها الرضا والسخط، كما قال تعالى: {إن تكفروا فإن الله غنيٌ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم} [1] .
وقوله (ولا يخرج شيءٌ عن مشيئته) أي: المشيئة الكونية فكل ما في الكون مخلوقٌ على الوجه الذي أراده الله تعالى بمشيئته سواءٌ أوافق الإرادة الشرعية أم لم يوافقها لحكمة يريدها الله تعالى،
وقوله (وليس في العالم شيءٌ يخرج عن تقديره) أي: أن كل ما في الكون مخلوقٌ بأمر الله وفق تقديره سبحانه وتعالى، ودليل ذلك قوله تعالى: {إنّا كلَّ شيءٍ خلقناه بقدر} [2] ، قال الإمام أحمد رحمه الله: القدر قدرة الله.
وقوله (ولا يصدر إلا عن تدبيره) أي: أن كل المخلوقات ناشئة عن تدبير الله وتصريفه سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يُدبِّر الأمر ما من شفيعٍ إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكَّرون} [3] ، وهذا الأمر مركوزٌ في فطرة الخلق، كما قال تعالى: {قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار ومن يُخرج الحي من الميت ويُخرج الميت من الحي ومن يدبِّر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون} [4] .
وقوله (ولا محيد عن القدر المقدور) أي: لا خروج ولا مجانبة لما قدره الله تعالى، فكل شيء يقع في هذا الكون فإنما يقع موافقاً لقدر الله تعالى وعلمه السابق، قال الله تعالى: {وكان أمر الله قدراً مقدوراً} [5] ، وقال سبحانه وتعالى: {ما يفتح الله للناس من رحمةٍ فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم} [6] ،
وقوله (ولا يتجاوز ما خط في اللوح المسطور) أي: أن كل المخلوقات تقع على الوجه الموافق لما سبق به علم الله تعالى وسطر في اللوح المحفوظ، وهذا من كمال علم الله فهو يعلم ما كان، وما هو كائن، وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، وليس فيه هذا ما يتوهمه الجاهلون من الجبر، لأن العبد مخاطبٌ بالتكاليف الشرعية وعليه أن يأتي بما أمره الله ويمتنع عما نهاه الله عنه، وليس للعبد علمٌ بما سبق
(1) الزمر - 7
(2) القمر - 49
(3) يونس - 3
(4) يونس - 31
(5) الأحزاب - 38
(6) فاطر - 2