فهرس الكتاب
الصفحة 49 من 123

الشرح:

قول المصنف رحمه الله (وهو سورٌ محكماتٌ) أي: أن القرآن الكريم مؤلف من سور: جمع سورة؛ وهي الطائفة المستقلة من الآيات القرآنية، وهي أربعة عشرة ومائة سورة، و معنى محكمات: متقنات لا نقص فيها، وهذا إشارة إلى قوله تعالى: {الر كتاب أُحكمت آياته ثم فُصِّلت من لدن حكيم خبير} [1] ، والمحكم بهذا المعنى وصفٌ لكل آيات القرآن الكريم.

وقوله (وآياتٌ بيِّنات) أي: واضحاتٌ، وهذا إشارة إلى قوله تعالى: {وكذلك أنزلناه آياتٍ بيِّناتٍ} [2] ، وإنما ينتفع بهذا البيان من استهدى بالقرآن ووفقه الله تعالى للاهتداء به كما قال تعالى: {بل هو آياتٌ بيناتٌ في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون} [3] .

وقوله (مَن قرأه فأعربه فله بكل حرفٍ عشر حسنات) أي: أن المقصود من تلاوة القرآن تدبر معانيه، وهذا لا يتم إلا بإعرابه، لأن فهم معاني القرآن إنما ينضبط بمعرفة إعراب كلماته، ومثال ذلك قوله تعالى: {إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ} [4] ؛ فمن لم يعرب لفظ الجلالة بالنصب على المفعول به ولفظ العلماء بالرفع على الفاعل لم يتبين المعنى، بل إنه يقع في المحظور لو رفع لفظ الجلالة ونصب لفظ العلماء ولو تعمد هذا المعنى لكفر،

وقال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما:"لبعضُ إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه"، ولا ريب أن المقصود بالإعراب ما يتوصل به إلى الفهم لا مجرد الإعراب، وثواب كل حرفٍ بعشر حسنات جاء على مطلق القراءة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف" [5] ، فالأجر ثابتٌ لمطلق القراءة، ولكن هذا لا يناقض كون قراءة التدبر أعظم أجراً،

(1) هود - 1

(2) الحج - 16

(3) العنكبوت - 49

(4) فاطر - 28

(5) سنن الترمذي - حديث 2910 وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام