وقوله (نزل به الروح الأمين) أي: جبريل عليه السلام، على قلب سيد المرسلين أي: محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، خلافاً لمن زعم أنه كلام بشر، قال الله تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين} [1] .
وقوله (بلسانٍ عربيٍ مبين) أي: أن القرآن عربي، وهذا يدحض شبهة المفترين الذين زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ القرآن عن أهل الكتاب، كما قال الله تعالى: {ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلِّمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسانٌ عربيٌ مبين} [2] ،
وقوله (منزَّلٌ غير مخلوق) أي: أن القرآن من كلام الله تعالى، وكلام الله صفة من صفاته، وصفات الله تعالى غير مخلوقة، فالقرآن غير مخلوق.
وقوله (منه بدأ وإليه يعود) أي: أن القرآن من آحاد كلام الله تعالى، لا أن جنس الكلام حادث، فكلام الله تعالى قديم الجنس حادث الآحاد، قال تعالى: {ما يأتيهم من ذِكرٍ من ربهم مُحدَثٍ إلا استمعوه وهم يلعبون} [3] ، إشارة إلى نزول القرآن شيئاً فشيئاً، وقوله (وإليه يعود) : إشارة إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يدرس الإسلام كما يدرس وشْي الثوب حتى لا يُدرى ما صيامٌ ولا صلاةٌ ولا نسكٌ ولا صدقة، ولَيُسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية" [4] .
قال المصنف رحمه الله:
وهو سورٌ محكماتٌ، وآياتٌ بيِّنات، مَن قرأه فأعربه فله بكل حرفٍ عشر حسنات، له أول وآخر، متلوٌ بالألسنة، محفوظٌ في الصدور، مكتوبٌ في المصاحف.
(1) الشعراء - 192 - 194
(2) النحل - 103
(3) الأنبياء - 2
(4) سنن ابن ماجة - حديث 4049، والحاكم في المستدرك - حديث 8460، والحديث بتمامه عند ابن ماجة:"عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها، فقال له صلة: ما تغني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟ فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثاً كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة فقال:"يا صلة تنجيهم من النار، ثلاثاً"