وقوله صلى الله عليه وسلم (عضوا عليها بالنواجذ) : جمع ناجذة وهي أواخر الأضراس، أي: تمسكوا بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين كما يتمسك العاض بجميع أضراسه.
وقوله صلى الله عليه وسلم (وإياكم ومحدثات الأمور) أي: احذروا الابتداع في الدين؛ سواء أكانت البدعة عقدية أو عملية، وسواء أكانت في أصول الدين أو عباداته وشعائره الظاهرة،
وليعلم كل مسلم أنه ما من عمل يعمله إلا ينشر له فيه ديوانان؛
-الديوان الأول: لم عملت؟
-والثاني: كيف عملت؟
فلا يسلم له الأول إلا أن يكون العمل خالصاً لله تعالى، ولا يسلم له الثاني حتى يكون العمل موافقاً للسنة، فمهما تخلف أحد شرطي القبول تخلف القبول وحبط العمل، نسأل الله السلامة والعافية.
وقوله صلى الله عليه وسلم (فإن كل محدثة بدعة) أي: أن كل إحداث في الدين فهو بدعة مذمومة، وضابط البدعة أن يُتعبد لله تعالى بما لم يشرع أصله ولا صفته بالفعل أو الترك وكان الداعي له موجوداً والمانع مفقوداً زمان النبوة؛
فمعنى: يُتعبد لله به: معناه أن البدعة مقصودٌ بها التقرب إلى الله بالفعل من حيث هو فعل، فركوب السيارة ليس ببدعة لأنه لا يُتعبد بذات الفعل، أما الرقص في حلقات الذكر فمقصود به التعبد وكذلك اتخاذ عيد غير عيدي الفطر والأضحى فالعيد شعيرة من شعائر الإسلام، فمن زاد عليهما فقد ابتدع،
و بما لم يشرع أصله: أن هذا الفعل لا أصل له في الشرع كالاحتفال بمولد نبيٍ من الأنبياء، فهذا ليس له أصلٌ في الدين،
ولا صفته: أن الفعل قد يكون مشروعاً في الأصل كصيام النافلة، ولكن تحدث له صفة إضافية كتخصيص يوم معين بالصيام لاعتقاد فضيلة لم تثبت بالشرع، فهذا تخصيص في صفة الفعل المشروع في الأصل بصفةٍ غير مشروعة،
بالفعل: كأن يُحدث صلاةً بصفةٍ مخصوصة لا أصل لها أو ينذر نذراً لا أصل له، والترك: كأن يترك شيئاً من المباح بقصد التقرب إلى الله كمن ترك لبس الناعم من الثياب تقرباً إلى الله،