فهرس الكتاب
الصفحة 109 من 123

أصلح بين الفريقين سيدٌ من سادة شباب الجنة الحسن بن علي بن أبي طالب الذي يدَّعون الانتساب إليه رضي الله عنه وأرضاه؟

وقوله (واعتقاد فضلهم) أي: جميعاً؛ فالصحابة كلهم مشتركون في أصل فضل الصحبة، ثم هم متفاوتون في الدرجة كلٌ بحسب شدة ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم وأخذه عنه ومتابعة هديه، ونعتقد أن مجرد الصحبة فضلٌ لا يُدرك، فليس من لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين كمن لم يلقه، وهذا يعرفه المحبون مع محبيهم، فكيف نحن مع حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نعتقد أن بركة رؤيته ولقياه فضلٌ تُرخص فيه الأموال والأولاد؟ فلنعرف لأصحاب الفضل فضلهم، ولنغبطهم على ذلك، ولنتأس بهم فيما هو مقدورٌ لنا ألا وهو التزام هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته التي حفظوها لنا وبلغونا إياها.

وقوله (ومعرفة سابقتهم) أي: تقدمهم على غيرهم في الإيمان والعمل، ومتابعتهم على ذلك، وما أحسن قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حيث قال:"أيها الناس! من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة؛ أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا أفضل هذه الأمة، أبرّها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلّفاً، قومٌ اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم"

وقوله (قال الله تعالى: {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غِلاً للذين آمنوا} [1] : الشاهد منه أن واجب المسلمين من بعد جيل الصحابة الاستغفار لهم، ومعرفة سابقتهم، ومحبتهم.

وقوله (وقال الله تعالى: {محمدٌ رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} [2] : الشاهد منه استحضار معية الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفهم في القرآن بالتراحم بينهم والشدة على الكفار بالحق، فحريٌ بالمسلمين أن يكونوا كذلك رحماء بينهم - والصحابة أولى من نترحم عليهم - أشداء على الكفار المعاندين، والشدة على الكفار مقصودٌ منها صلاحهم وهدايتهم.

(1) الحشر - 10

(2) الفتح - 29

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام