فهرس الكتاب
الصفحة 35 من 122

فهذه الأصول الثلاثة لها أهمية عظيمة، ولهذا ركز عليها الشيخ في هذه الرسالة ووضحها من أجل أن ندرسها، ونتمعن فيها ونعتقدها ونعمل بها، لعل الله أن يثبتنا وإياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

فإذا قيل لك: من ربك؟ فقل: ربي الله الذي رباني وربي جميع العالمين بنعمه [2]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[2] لما بين الشيخ - رحمه الله - الأصول الثلاثة مجملة أراد أن يبينها مفصلة واحدا واحدا بأدلتها من الكتاب والسنة، ومن آيات الله في الكون، ومن الأدلة العقلية، وهكذا يجب أن تبنى العقائد على أدلة الكتاب والسنة، وعلى النظر في آيات الله الكونية من أجل أن ترسخ وتثبت في القلب، وتزول جميع الشبه.

وأما العقائد المبنية على الشبهات وعلى الشكوك وعلى أقوال الناس والتقليد الأعمى فإنها عقائد زائلة لا تثبت، وهي عرضة للنقض، وعرضة للإبطال.

فلا تثبت العقيدة ولا سائر الأحكام الشرعية إلا بأدلة الكتاب والسنة، وبالأدلة العقلية المسلمة. ولهذا أكثر الشيخ - رحمه الله - من سياق الأدلة على هذه الأصول الثلاثة، فلا يمر أصل منها إلا وقد دعمه بالأدلة والبراهين اليقينية التي تطرد الشكوك والأهواء، وترسخ العقيدة في القلب.

قوله - رحمه الله: فإذا قيل لك: أي سئلت من ربك؟ وهذا سؤال وارد ستسأل عنه في الدنيا والآخرة، فلا بد أن تعرف ربك - عز وجل - وأن تجيب بجواب صحيح مبني على اليقين والبرهان، فقل: ربي الله - هذا هو الجواب - الذي رباني، وربى جميع العالمين بنعمه، هذا استدلال عقلي.

فالرب - جل وعلا - هو الذي يربي جميع عباده بنعمه، ويغذيهم برزقه، يخلقهم - بعد أن لم يكونوا شيئا مذكورا- في بطون أمهاتهم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث، ويوصل إليهم الرزق حتى في بطون أمهاتهم؛ ولذلك ينمو جسم الجنين في بطن أمه ويكبر، لأنه يصل إليه الرزق من الله سبحانه وتعالى، ويصل إليه الغذاء.

ثم تنفخ فيه الروح فيتحرك ويحيا بإذن الله، هذه تربية في البطن، ثم إذا خرج فإن الله سبحانه يربيه بنعمه بالصحة والعافية، ويدر عليه لبن أمه، فيتغذى إلى أن يأكل الطعام ويستغني عن الحليب، ثم ينمو شيئا فشيئا، عقله وسمعه وبصره، ينمو شيئا فشيئا حتى يبلغ الحلم، ثم ينمو وينمو حتى يبلغ أشده ويبلغ أربعين سنة، ويكون في غاية القوة.

فمن الذي يغذيه من يوم أن خلقه في بطن أمه إلى أن يموت، من الذي يغذيه، ثم من الذي يسوغ هذا الطعام وهذا الشراب في جسمه، فيصل إلى كل خلية وعضلة، وإلى كل مكان في جسمه، من الذي يشهي إليه الطعام والشراب، من الذي يصرفه ويخرج منه ضرره، من الذي يفعل هذا ويربي هذا الإنسان، أليس هو الله سبحانه وتعالى؟ هذا هو الرب سبحانه وتعالى الذي يربي، الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته.

كل ما على وجه الأرض من العوالم الآدمية والحيوانية، وعالم البر والبحر، من أكبر مخلوق إلى أصغر مخلوق، في البر والبحر، كلها تتغذى بنعمه ورزقه، قال تعالى: / أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ / [الملك: 21] ، وقال: / وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا / [هود: 6] . وقال: / وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ / [العنكبوت: 60] . هذا هو الرب سبحانه: / ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ / [يونس: 3] أما غير الله - جل وعلا - فلا يملك من ذلك شيئا، لا الأصنام ولا غيرها، لا أحد يملك من الرزق شيئا، وإنما هو مرزوق، مخلوق مثلك.

وهو معبودي ليس لي معبود سواه [3]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام