فهرس الكتاب
الصفحة 112 من 122

التوحيد الذي هو دين أبيهم آدم عليه السلام لكنهم عاندوا واستكبروا: / وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا / [نوح: 23] قال ابن عباس: هذه أسماء رجال صالحين، صوروا صورهم ونصبوها على مجالسهم فآل بهم الأمر إلى أن عبدوها من دون الله.

فلما جاءهم نوح عليه الصلاة والسلام ونهاهم عن عبادتها، وأمرهم بعبادة الله، قالوا: لا تذرون آلهتكم، لا تطيعوا نوحا، واستمروا على كفرهم وطغيانهم وعنادهم. هذا أول شرك حدث في الأرض، وسببه الصور ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: / إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون / وقال صلى الله عليه وسلم: / إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم / يؤمرون بنفخ الروح في هذه الصور من باب التعجيز والتعذيب لهم والعياذ بالله؛ لأن التصوير وسيلة من وسائل الشرك كما حصل لقوم نوح.

فأول الرسل نوح، وأما خاتم الرسل وآخرهم فهو محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: / مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ / [الأحزاب: 40] وقال صلى الله عليه وسلم: / وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي /.

فبه صلى الله عليه وسلم ختمت الرسالات السماوية فلا يبعث بعده نبي إلى أن تقوم الساعة، ولكن شريعته باقية إلى أن تقوم الساعة، ودينه باق إلى أن تقوم الساعة كما سبق، فمن ادعى النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر، ومن صدقه فهو كافر بالله لأنه لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم.

وقد ادعى النبوة بعده خلق كثير وفضحهم الله وأظهر كذبهم، ومن آخرهم فيما نعلم، القادياني، غلام أحمد القادياني الهندي، الذي كان في الأول يدعي العلم والعبادة، ثم ادعى أنه عيسى بن مريم، ثم ادعى النبوة، والآن له أتباع يسمون بالقاديانية وقد كفرهم المسلمون ونابذوهم واعتبروهم فرقة كافرة خارجة عن الإسلام، وهم منابذون ومطاردون - ولله الحمد - من بلاد المسلمين، ولهم نشاط، ولكن نشاطهم يبوء بالفشل، الحاصل أنه لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، من ادعى النبوة فهو كذاب كما قال صلى الله عليه وسلم: / لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون، قريبا من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله /.

وكل أمة بعث الله إليهم رسولا من نوح إلى محمد يأمرهم بعبادة الله وحده وينهاهم عن عبادة الطاغوت، والدليل قوله تعالى: / وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ / [النحل: 36] . [76]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[76] المتنبئون كثيرون؛ ولكن الله يفضح أمرهم ويكشف سترهم ويبين خزيهم للناس، وَمَنْ صَدَّقَهُمْ فهو كافر، لأنه مكذب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولإجماع المسلمين على ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم.

قوله: وكل أمة بعث الله إليهم رسولا، أي: كل أمة من الناس يبعث الله إليها رسولا ليقيم الحجة عليهم، لئلا يقولوا: ما جاءنا من بشير ولا نذير، ولقوله تعالى: / وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا / [الإسراء: 15] فكل أمة من الأمم السابقة يبعث الله إليها رسولًا كما قال تعالى: / وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ / [فاطر: 24] لكن يجب أن نعرف ما هي دعوة الرسل؟ دعوة الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم هي إلى التوحيد؛ لقوله تعالى: / وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ /فكل ما عبد من دون الله طاغوت، كما يأتي في أنواع الطواغيت أن من أنواعهم ما عبد من دون الله وهو راض بذلك كما سيأتي.

فمعنى قوله تعالى: / وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ /أي: اجتنبوا عبادة الأوثان والأصنام والقبور والأضرحة هذه هي الطواغيت فدلت الآية الكريمة على أن دعوة الرسل كلها تتركز على التوحيد من أولهم إلى آخرهم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام