فهرس الكتاب
الصفحة 100 من 122

ولا بد من الاعتقادات بأنه صلى الله عليه وسلم أسري وعرج بروحه وجسمه معًا يقظة لا منامًا، لأن بعض الناس يقولون: أسرى بروحه، وأما جسده فلم يبرح مكة وإنما أسري وعرج بروحه وهذا كلام باطل، بل أنه أسري بروحه وجسده عليه الصلاة والسلام وحمل على البراق، وكان ذلك يقظة لا منامًا إذ لو كان بروحه فقط أو كان منامًا فما الفرق بينه وبين الرؤيا، والله جل وعلا يقول: / سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ / [الإسراء: 1] .

فالعبد يطلق على الروح والبدن جميعا لا يطلق على الروح وحدَها أنها عبد، ولا يطلق على البدن وحده أنه عبد، لا يطلق إلا على مجموع الروح والبدن، لم يقل: سبحان الذي أسرى بروح عبده، بل قال: أسرى بعبده، والعبد هو مجموع الروح والبدن، والله جل وعلا لا يعجزه شيء وهو القادر على كل شيء.

قال رحمه الله: وفرضت عليه الصلوات الخمس وصلى في مكة ثلاث سنين.

وكان يصليها ركعتين ركعتين فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم أتمت الرباعية إلى أربع إلا الفجر فإنها تطول فيها القراءة. فبقيت ركعتين كما هي، وإلا المغرب فإنه ثلاث من أول ما فرضت لأنها وتر النهار، أما الظهر والعصر والعشاء وكانت في مكة ركعتين ركعتين فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم أتمت أربع ركعات.

كما في الحديث: / أول ما فرضت الصلاة ركعتين فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم أتمت صلاة الحضر وبقيت صلاة السفر /هذا بإجماع أهل العلم، أن الصلاة فرضت بمكة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها بمكة، لكن اختلفوا هل هي فرضت قبل الهجرة بثلاث سنين؟

هذا هو الراجح، كما ذكر الشيخ هنا، وقيل: قبل الهجرة بخمس سنين، وقيل: قبل الهجرة بسنة واحدة، وقيل: بسنة ونصف، لكن الراجح هو ما ذكره الشيخ أنها قبل الهجرة بثلاث سنين، وهل فرض مع الصلاة شيء آخر من أركان الإسلام؟ هذا محل خلاف بين العلماء، منهم من يرى أن الزكاة فرضت أيضا بمكة وإنما بينت أنصبتها ومقاديرها وأهل الزكاة في المدينة، أما أصل فرضيتها فهو في مكة.

والدليل قوله تعالى: / وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ / [الأنعام: 141] . والمراد بحقه هنا الزكاة، والسورة مكية كلها، وكذلك في قوله: / وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ / لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ / [المعارج: 24 - 25] .

أيضا السورة مكية، والمراد بالحق المعلوم: الزكاة، ففرض أصلها في مكة، لكن بينت تفاصيلها بالمدينة هذا قول.

والقول الثاني: وهو الذي يظهر من كلام الشيخ هنا أن الزكاة إنما فرضت في المدينة، ولم يفرض في مكة غير الركن الأول وهو التوحيد، والركن الثاني، وهو الصلاة، هذا ظاهر كلام الشيخ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام